ليلة في محطة قطار الأرياف........
ا.د. حمدي الجزار
..................
كانت محطة القطار تبخ رطوبة بواكير فجر جديد بارد........،،
شجرة مسنة عملاقة تتواري في اغصانها طلبا لبعض الدفء......
عواء كلب هزيل يأتي من بعيد يؤانس وحدته........
رصيف المحطة منفرد بلوح أخضر خشبي صلد ينتظر القادمين......
تتوازي القضبان ولا تتلاقي في خصام طويل...........
جالس في نهاية القطار يرفع ركبته اليمني الي مقعده يدلك أصابع قدميه......
جرس نحاسي ضخم يحتل عمودا أطول من قامته........
اشجار الصفصاف تصدر شخشخات أوراقه أصوات مرعبة.......
عيدان الذرة بشوشاتها البيضاء مختلطة بحبات الذرة لا تريد أن تفارقها....،،
يختبيء القمر بين سيقان الغيطان وجداول سقيا المياه....
تجري النجوم خلف فراشات داخل أفواه الحقول.،....
لم يعد بالقرية ذئاب، فلم يربي الفلاحون الدجاج......
يختلط بقايا روث البهائم بالأرض فتدخنه أشعة شمس الظهيرة رائحة مميزة...
بققايا سواقي تدور وكنبور يغني لشدو الطيور....
أضخم ماتراه القرية قطارا حديديا يمر..........
هو قطار واحد ننتظره عرباته متنافرة كأسنان عجوز مسنة........
يتفنن الصقيع أن يلهف مؤخرة رؤوسنا من الخلف.....
يضم جناحيه طلبا لرد الاحساس بالبرد القارص......
القطار.... آت من سواد الأفق يمخر دخانه الأبيض......
العربات خالية النوافذ تفوح رائحة الجبن القديم ومشلتتات الفطير.....
انزوي في عربة كاملة وحيدة........
يفك منديلا محلاوي ليقضم من الفطير...
اقوي ما في القطار....صفارته.......
غادر المحطة،،،،،ولم أغادر قريتي....
د.حمدي الجزار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق