السبت، 26 أغسطس 2023

مابين وجهك والآتي وقنديلي للدكتور محمد حسام الدين دويدري

 مابين وجهكِ والآتي وقنديلي


محمد حسام الدين دويدري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جلست في الليل أستجدي مواويلي=وأرشف العطر من خيطان مِنديلي

وأجتبي صوراً مازلت أحملها=بين الضلوع كزغبٍ من أبابيلِ

عسى الزمان يغيث القلبَ مِنْ كُرَبٍ=حمقاء تسرف في غَدْرٍ وتنكيلِ

وكم على سفن الذكرى تقاسمني=دفق الحَنانِ وفيضٌ من تراتيلي

أقول يا ليل ما قلبي بمعتصمٍ=عن اللهيف ولا ذابت قناديلي

ولا شطبت سطوراً بتّ أكتمها=ولا مزقت على صدري مراسيلي

ولا كسرت مرايا في صحائفها=تاهَ الجمال على صخر المكاييل

سأغزل الآه لحناًً ما أردت به=كأسَ المُدام ولا كسر الغرابيل

ولست أجعل من شعري صدىً لغوىً=ولا رفعت لأفـّاقٍ تهاليلي

فما صفا لفؤادي غير صِدْقُ هَوىً=ولا مُراقصةُ الشيطان تصفو لي

أرى صمودك يزهر في حمى قلمي=نصراً يعطّر أحلامي وتفعيلي

وعالم اللحن عندي لا صديد به=يُعَفـِّرُ القلب من زيف الأضاليل

ويُرسِل الورد في روض الصدى عَبِقاً=ليملأ النفس من إشراق مأمول

سأرسل الصوت عني ينتشي طرباً=وأطرح الحقد في ليل المجاهيلَِ

أقول في الآه : "يا ليلاي ما خمدت=نيران وجدي أو عاف الجوى ليلي

فكم على نغمات العود طاف بنا=سحرٌ يسافر في ظنّي وتأويلي

نعبّ منه كؤوساً لا يخالطها=زيغ يعربد في عشق " الرساميلِ"

فمِنْ ثرى قيمِ الأمجاد منبتنا=وفي مدى سفر الآمال تعجيلي

وليس لي قِبَلٌ في كسر ما حملت=كفّ الزمان ولا خطلي بمقبولِ

تماسكي...، فلهاث العيش يقذفني=بين الصخور فأشكوها وتشكو لي

فقد ألمّ بها ما لا يحرّكنا=غدر" العلوج" بقرآنٍ وإنجيلِ

باسم الشرائع عاثوا في شرائعنا=ونحن بين تماثيلٍ وتمثيلِ

ألم تري وهنت فينا حميّتنا=ويل الفوارس من لسع الأقاويلِ

أم لم تعد وخزات اللوم توقظهم=فالوجه هاجر في صقلٍ وتجميلِ

 وراح جلّ ذوي القربى يرون دمي=نهراً يُراق بلا غوثٍ وتمويلِ

 يعاقرون كؤوس الصمت تطرحهم=ما بين موجة تسويفٍ وتأجيلِ

ففي الدجى ضربات "الجاز"  تسكرهم=وفي الصباح على موج الأباطيل

ترفّقي ودعيني في قراع رؤىً=باتت خلاصة أجيالٍ وتدويل

فيما الحضارة تجثو اليوم صاغرة=والناس بين معاناة وتقتيل

أو بين من دُفِنَتْ ظمأى إرادته=تحت الرماد بإقتارٍ وتقليل

يصارع العيش في ضنكٍ ومخمصةٍ=تغشاه حُرقة مهمومٍ ومذهول

يشيح عن عَرَضِ الدنيا بعفته=ويستسيغ قتاراً غير منحولِ

ويستظلّ بفيء الصبر منغمساً=بين الجراح وأصناف العراقيلِ

وغيره أكل الدنيا وطاب له=حرق الرؤوس على جمر النراجيلِ

يبنى على جثث القتلى مدائنه=وفاز بالعيش في ظلٍّ ومعسولِ

فآه ... جئتكِ يا ليلى وفي ألمي=تسكاب ثورة بركانٍ بمشلولِ

يودّ لو دُفِنَتْ في الأرض أعظُمُهُ=تحت الصخور بلا حولٍ ولا طَولِ

فلست أملك غير الحرف في قلمي=بين استثارة منقوصٍ وموصولِ

وبين لام صكوك الأمر تصفعني=أصيخ بين مناجاتي وتعليلي

ما زلتِ لي أبدا ليلاي ملهمتي=غيث الزمان وآمالي وتقبيلي

فهدّئي عتب الشاكي و هاكِ يدي=وفي شفاهي أصداء لتبجيلِ

أصيح ليتك يا ليلى معذّبتي=لكنت من وهب الدنيا بمنديلِ

إذ بات وجهُك ظلاً مؤنساً ويداً=تشفي جراحي من هولٍ وتهويلِ

لكنّ من سكبت بي نارَها صُورٌ=باتت ترمّد عمري تحت قنديلي

 حتى غدوت " كشوتاً " فارساً بطلاً=فيماا أهاجم أشباه التماثيلِ

..............................

الأحد 7/4/2002

من مجموعة: مواسم الرحيق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق