مابين وجهكِ والآتي وقنديلي
محمد حسام الدين دويدري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلست في الليل أستجدي مواويلي=وأرشف العطر من خيطان مِنديلي
وأجتبي صوراً مازلت أحملها=بين الضلوع كزغبٍ من أبابيلِ
عسى الزمان يغيث القلبَ مِنْ كُرَبٍ=حمقاء تسرف في غَدْرٍ وتنكيلِ
وكم على سفن الذكرى تقاسمني=دفق الحَنانِ وفيضٌ من تراتيلي
أقول يا ليل ما قلبي بمعتصمٍ=عن اللهيف ولا ذابت قناديلي
ولا شطبت سطوراً بتّ أكتمها=ولا مزقت على صدري مراسيلي
ولا كسرت مرايا في صحائفها=تاهَ الجمال على صخر المكاييل
سأغزل الآه لحناًً ما أردت به=كأسَ المُدام ولا كسر الغرابيل
ولست أجعل من شعري صدىً لغوىً=ولا رفعت لأفـّاقٍ تهاليلي
فما صفا لفؤادي غير صِدْقُ هَوىً=ولا مُراقصةُ الشيطان تصفو لي
أرى صمودك يزهر في حمى قلمي=نصراً يعطّر أحلامي وتفعيلي
وعالم اللحن عندي لا صديد به=يُعَفـِّرُ القلب من زيف الأضاليل
ويُرسِل الورد في روض الصدى عَبِقاً=ليملأ النفس من إشراق مأمول
سأرسل الصوت عني ينتشي طرباً=وأطرح الحقد في ليل المجاهيلَِ
أقول في الآه : "يا ليلاي ما خمدت=نيران وجدي أو عاف الجوى ليلي
فكم على نغمات العود طاف بنا=سحرٌ يسافر في ظنّي وتأويلي
نعبّ منه كؤوساً لا يخالطها=زيغ يعربد في عشق " الرساميلِ"
فمِنْ ثرى قيمِ الأمجاد منبتنا=وفي مدى سفر الآمال تعجيلي
وليس لي قِبَلٌ في كسر ما حملت=كفّ الزمان ولا خطلي بمقبولِ
تماسكي...، فلهاث العيش يقذفني=بين الصخور فأشكوها وتشكو لي
فقد ألمّ بها ما لا يحرّكنا=غدر" العلوج" بقرآنٍ وإنجيلِ
باسم الشرائع عاثوا في شرائعنا=ونحن بين تماثيلٍ وتمثيلِ
ألم تري وهنت فينا حميّتنا=ويل الفوارس من لسع الأقاويلِ
أم لم تعد وخزات اللوم توقظهم=فالوجه هاجر في صقلٍ وتجميلِ
وراح جلّ ذوي القربى يرون دمي=نهراً يُراق بلا غوثٍ وتمويلِ
يعاقرون كؤوس الصمت تطرحهم=ما بين موجة تسويفٍ وتأجيلِ
ففي الدجى ضربات "الجاز" تسكرهم=وفي الصباح على موج الأباطيل
ترفّقي ودعيني في قراع رؤىً=باتت خلاصة أجيالٍ وتدويل
فيما الحضارة تجثو اليوم صاغرة=والناس بين معاناة وتقتيل
أو بين من دُفِنَتْ ظمأى إرادته=تحت الرماد بإقتارٍ وتقليل
يصارع العيش في ضنكٍ ومخمصةٍ=تغشاه حُرقة مهمومٍ ومذهول
يشيح عن عَرَضِ الدنيا بعفته=ويستسيغ قتاراً غير منحولِ
ويستظلّ بفيء الصبر منغمساً=بين الجراح وأصناف العراقيلِ
وغيره أكل الدنيا وطاب له=حرق الرؤوس على جمر النراجيلِ
يبنى على جثث القتلى مدائنه=وفاز بالعيش في ظلٍّ ومعسولِ
فآه ... جئتكِ يا ليلى وفي ألمي=تسكاب ثورة بركانٍ بمشلولِ
يودّ لو دُفِنَتْ في الأرض أعظُمُهُ=تحت الصخور بلا حولٍ ولا طَولِ
فلست أملك غير الحرف في قلمي=بين استثارة منقوصٍ وموصولِ
وبين لام صكوك الأمر تصفعني=أصيخ بين مناجاتي وتعليلي
ما زلتِ لي أبدا ليلاي ملهمتي=غيث الزمان وآمالي وتقبيلي
فهدّئي عتب الشاكي و هاكِ يدي=وفي شفاهي أصداء لتبجيلِ
أصيح ليتك يا ليلى معذّبتي=لكنت من وهب الدنيا بمنديلِ
إذ بات وجهُك ظلاً مؤنساً ويداً=تشفي جراحي من هولٍ وتهويلِ
لكنّ من سكبت بي نارَها صُورٌ=باتت ترمّد عمري تحت قنديلي
حتى غدوت " كشوتاً " فارساً بطلاً=فيماا أهاجم أشباه التماثيلِ
..............................
الأحد 7/4/2002
من مجموعة: مواسم الرحيق