زَهْرةُ النَّار
لأجل مسرى المصطفى احتدامُ
وبالشُّعراءِ .. يشتدُّ .. الغرامُ
وهذا الحرفُ وهَّاجًا تراهُ
له في جوفِ معركةٍ ضرامُ
له كالأسْدِ في غضبٍ زئيرٌ
ويخشى نارَ صولتهِ الظلامُ
كأن حروفَهُ خَيلٌ تداعتْ
تخلَّى عن معانيها اللجامُ
مُسرَّجةٌ إذا نادتْ عليها
قِبَابُ القُدسِ والبيتُ الحرامُ
_____________
اليومَ يومُكَ والسماءُ دماءُ
وثرى الديار يعجُّ فيه بلاءُ
أكبرْتهُ بل عشْتُ فيه وكنتُهُ
لكنَّ جرحي شلّهُ الإعياءُ
فدروعُنا بجنونِها تجْتاحُنا
وتدارُ فينا الهجْمةُ الرّعناءُ
وسماؤنا ماجَتْ بسيْلِ نجيعِنا
وتفجّرَتْ برُعودِها الدأمَاءُ
وَصَهيلُ خيْلِ الله يَقتَحِمُ المدى
فتزفُّهُ بشموخِها الأنواءُ
حرَثتْ شظاياها ضحايا زهْوِنا
فالجُدْبُ أزهرَ والطريقُ خَلاءُ
فلسوفَ تُثمرُ في رحى أوجاعِنا
هذي الدِّماءُ ويُسْتجابُ دُعاءُ
فبنو أبينا فارقتهمْ نخوةٌ
ونقاؤهمْ عجباً قلاهُ نقاءُ
عُمْرِ الديار إذا استُفِزَّ بجرحِهِ
ضجّتْ تدقُّ لبابِهِ العلياءُ
ما كَلَّ ساعدُهُ وخارَ مروءةً
كلا ولا عانى لديْهِ إباءُ
لا شيءَ إلّا كبرياءُ صمودِنا
سنلوذ فيه وتكبرُ الأسماءُ
فلنا العظائمُ بل وكلُّ عظيمةٍ
منا ستبدأُ دربَها الهيجاءُ
لا لنْ نموتَ وسوفَ نخلقُ مرةً
أخرى ولنْ يمحو النفوسَ فناءُ
باسم الذين لهولِها وهبوا الدّما
سيعودُ يشمخُ في الديار بناءُ
فالأرضُ يشتبكُ اللظى بثغورِها
وتدورُ في أرجائِها البلواءُ
والموتُ أغنيةُ السّلاحِ وقد دجا
صبْحٌ وصاحَتْ طلقةٌ خرْساءُ
ربّاهُ ذي الديار تُذبحُ وحْدها
وبها تموتُ الوردةُ الحمراءُ
فتخضّبتْ ساحاتُها بنجيعِنا
وعلى بنيها اسْتفحلَ الجُبناءُ
مدينتي جُثثٌ غدَتْ طرقاتُها
والدورُ طاحَتْ واستوَتْ أرجاءُ
والنّصلُ غاصَ إلى الوريدِ وحزّهُ
ودمُ الضّحايا للسّماءِ حُداءُ
فالميِّتونَ بجمرِها أهلي أنا
والقاتلونَ لأهلِنا الدّخلاءُ
أهلي من الفيحاءِ بدءُ مسارِها
حتى الشمالُ تضمُّها الحدْباءُ
يا سيّدي قامتْ قيامةُ وعدِها
وكبا بخيلِ الأمنياتِ لواءُ
مَنْ خاسرٌ غيرُ الديار وأهلُهَ
وفمُ الصّراعِ يلوكُ والأهواءُ
مُذْ عشَّشتْ وبَنتْ جهنَّمَ ويلِها
كفُّ الجناةِ تدلُّها الأُجراءُ
إذْ أشْعلوها واصْطلتْ أركانُها
ودمُ الشبابِ تُريقُهُ الأعداء
هيَ وحْدها الديار تُسرجُ غيظَها
فتضجُّ تحتَ غزاتِها الغبْراءُ
هيَ وحْدها والقادمونَ التتار
وبهم تعاوَتْ غصّةٌ هوْجاءُ
فتطلّعَتْ مثلَ العروسِ لموتِها
وهمُ الذينَ لحتفِهمْ قد جاؤوا
وتلفَّتتْ والشوقُ جذوةُ عاشقٍ
فيها اكْتوى لتحفّها الأبناءُ
فدعَتْ إلى ربدائِها فتيانَها
لترشَّهم من عطرِها الخُيلاءُ
فإذا الصقورُ وقد تغشّاها الرّدى
أبَتِ الخضوعَ فمُزِّقتْ أعداءُ
يكفي فخاراً أنْتمُ أبناؤها
وَحُماتُها أمّا الدّعاةُ هَباءُ
مهْما اكفهرَّتْ سوف تُشرقُ شمْسُها
فيُحَاسَبُ الدُّخلاءُ والعُملاءُ
فخذوا الذي تبغونَ من أحْمالِها
ودعوا البلادَ تُقيمُها الأُمناءُ
اليومَ يومُكَ المصطفى أنْتَ الذي
أَخْرسْتَ صوْتي فالغناءُ بُكاءُ
فالعاقدون اسْتنفروا عزماتِهم
وهوَى المنايا غيْمةٌ ربْداءُ
فبأيِّ يوْمٍ ألتقيكَ وقد عَلا
صوْتُ الدّمارِ وجَعْجَعَتْ أرزاءُ
وبأيِّ وجْهٍ ألتقيكَ وَسُحنتي
مغبرَّةٌ وعيونُنا عَمياءُ
يا رسولي ألقتْ حبائِلَ مَكْرِها
هذي الخطوبُ وجاشتِ الكأداءُ
عربُ العروبةِ أعربَتْ عنْ حقدِها
واستفحلَتْ بكيادِها اللؤماءُ
ولأنّنا شعْبٌ تحشَّدَ واحداً
هجَمتْ تُمزِّقُ صفَّهُ السُّفَهاءُ
لكنْ سواعِدُنا لفرْطِ مروءَةٍ
وقفَتْ تذودُ بساحِها البُسَلاءُ
إنّا مدى التاريخِ خيرُ وقودِها
ولنا المَراجلُ لو يَصيحُ نِداءُ
يا رسولي عذراً وعذراً سيّدي
إنّ الحروفَ بمدحِكم عرْجاءُ
بسَناكَ أخرَجْتَ الشُّعوبَ منَ العَمى
وهَديْتَ مَنْ ضلّتْ به الظلماءُ
عذراً لقدْ قصّرتُ بين أكفِّكم
فيما أريدُ وما تشا وأشاءُ
أبو علي الصُّبَيْح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق