الأحد، 31 مارس 2024

في ظل حضارة القوة للدكتور محمد خسام الدين دويدري

 في ظلّ حضارة القوة

محد حسام الدين دويدري

_________________

كم كنت غرّاً إذ خلعت ردائي

وتركت تاريخ الشعوب ورائي

 

فلبست ثوب التائهين مقلداً

من عاث  كيداً في مدى الأرجاء


فانهال يغتصب الشعوب وينتشي

بحضارة التقتيل والإفناء


يختال في قهر العباد ويكتسي 

جلد الوحوش  وشهوة الإثراء


ويصول  في أرض الخداع محاولاً

نصب الشباك لكل صيد نائي


فيجيد في طرح الشعارات التي

تغوي الشعوب بنبرة الأصداء


مابين دعوى تقرير المصير وبين ما

صاغوا بمجلس أمنهم من داء


فتحصنوا في قلعة "الڤيتو" ولم

يردعهُمُ عَدلٌ  عن الأخطاء


زعموا "دمقرطة" الشعوب ولم يزل

شيطانهم متفنن الإغواء


يرمي الحبال إلى المكابد صائداً

من عاش ضنك مارة وبلاء


قانونهم نصر القوي وقهر من

أضحى ضعيفاً منهك الأعضاء


هم يدّعون العدل في صنع السلام

وينشرون الموت فى الأجواء


كي يحصدوا "دولارهم" من عجزنا

عن رفد قوتنا بخير عطاء


إذ قسّموا الوطن الكبير ولم يزل

في نبهم سعيٌ إلى الأجزاء


ونحن صفقنا لقسمة أرضنا

بتفاخر ومودة استرضاء


راضين في ضعف الإرادة أن نرى

خطباً بجمع "الإخوة الأعداء" 


  حملت معاني الرفض  للموت الذي

يجتثّ شعباً طاهر الأفياء


تبقى مجرد خطبة لاترتقي

فعلاً يثير مخافة الأعداء


فحضارة  الحَور التي باتت تٌرى

في عصرنا كالغاب والبيداء


فيها القوي ينال كل غنيمة

يحظى بها بتملق الضعفاء


قانونهم أعطى اللصوص الحق في

قتل البريء بقوة الدخلاء


فتقاطرت  قطعانهم تسطو على

أهل البلاد لقسمة الغرماء


فبنوا عليها دولة الغدر التي

صارت تشكل بؤرة الإيذاء


بقرار ما سموه "قا نوناً" غدا

رمزاً لفرض الخوف والإقصاء


والعُرب مازالوا على ضعف مضىوا

مابين عجز الجهل والشحناء


يُمضون حاضرهم على استهلاكهم

بين احتكار الصوت  واستجداء


رحماء بالأعداء لا بشعوبهم

مدوا إليهم أذرعاً بوفاء


مدوا إلى الباغين حبل مودة

في سعي نيل القوة الحمقاء


فحضارة الباغين تسعد قلبهم

في نيل ما يرجى من استرخاء


كم صنت جهلي إذ نسيت حضارة

كانت لأمتنا منار  بهاء


بالعلم كان رجالها يبنون ما

في ساحة الإخلاص من أبناء


متطلّعين إلى الثواب بنظرة

التقوى ففي الإيمان خير بناء


كم كنت غراً إذ تركت منال

الأخلاق والأخلاق خير  دواء


وغرقت في رمل الفساد محاصراً

نفسي بشوك القهر والرمضاء


بحثاً عن الإثراء في جحر "الأنا"

وصرير خوف الفقر في أحشائي


فحملت أوزاري وتهت ولم أزل

أمشي على نهر من الأشلاء


ومضيت ألهث خلف وهم ينقضي

بعد اجتياح الهم والأعباء


فجعلت في مدح الولاة قصائدي

ورشقت شعري في تلال سخائي


كي أكتسي ثوب الفخار بما أرى

في ظلّهم من زينة ومَضَاءِ


فنسيب أني جئت أستسقي القذى

من آسن يروي بغير إناء


وا خجلتي ممّا جنيت فقد مضى

ردح من الأزمان في الإقواء


آن الأوان لتوبة في ظلّها

عون الرحيم لعودة ونقاء


زبّاه فاغفر لي وأيقظ أمتي

وامنح فؤادي توبة بِمَضاء

................

٣٠/  ٣ /  ٢٠٢٤

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق