الثلاثاء، 30 أبريل 2024

ق.ق خرجت ولم تعد للأديب نصر سيد بدر

 خرجت..ولم تعد     عن المرحومه زوجتي الراحله هذه السطور.

  انهي عمله في نهاية يوم عمل طويل ممل مثلما اعتاد..قام بترتيب بعض الاوراق علي مكتبه..وضع الورقتان المعتادتان امامه..احدهما يكتب فيها الاعمال المطلوب انجازها حسب ترتيب الاهميه والثانيه

الأشياء المطلوب شراؤها لمنزله..حيث اصبح بعد ان حدث له ما حدث

وهو يكتب علي الورق حتي لا ينسي..فالزلزال الذي هز حياته وقلبها

راسا علي عقب اثر بشكل كبير علي تركيزه..واصبح دائم  الشرود..

رن علي هاتف السائق  لكي يعيده بسيارة العمل الي منزله كالمعتاد 

   ركب في المقعد الخلفي ووضع حقيبته بجواره ومارس عادة الشرود

التي انتابته بعد رحيلها عن دنياه..انتبه بعد قليل ان السائق ادار مشغل

الاغاني بالسياره وسمع اغنيه لمحمد قتديل تقول..ثلاث سلامات ياواحشني ثلاث سلامات..بايدي سلام وبعيني سلام وقلبي سلام.بعادك

ياجميل طول ..ثم اعقبها باغنيه اخرى لفايزه احمد تقول..ياتمر حنه يا تمر حنه خليتي بينا وبعدتي عنا..الورد كله كسا الجنابن واشمعني انت

اللي شارده منا ..حاول ان يتماسك..وبصوت مختنق قال للسائق  ياابني حرام علبك اللي بتعمله ده ..فرد عليه السائق  يااستاذنا  ده

الراديو ..مش مشغل الاغاني..

  شرد في تفكيره مرة اخرى..لم تكن زوجه او انسانه عاديه..كانت ظاهره فلكيه ..كانت حين تصحو من النوم وتلقي عليه تحية الصباح بصوتها الهامس الرقيق تشرق الشمس باشعتها الذهبيه الدافئة المبهجه..وحين تغيب لسبب او لاخر.. كان يشعر بالسموات ملبده بالغيوم  وان البرد القارص يكاد يجمد الدماء في عروقه..كانت تعني له

الحياه بكل تفاصيلها الدقيقه.. ذاق مرارة اليتم والوحده بعد رحيلها..

طالت فترات صمته وعدم الحديث وعدم رغبته في التواصل مع احد ..

طالت فترات بقاؤه وبكاؤه في منزله كثيرا .. يعيش معظم وقته في الظلام ..فكيف يري النور..وقد انطفا النور من عيونها الجميله التي طالما  عشقها ..لملمت الحياه اشياؤها الجميله ورحلت من حياته بعد

رحيلها..

   كثيرا ما تعرض بعد رحيلها لاصابات عديده..كدمات في المشاعر..

كسر في الخاطر. .خدوش علي جدار القلب. .انكسار الروح. .ولكن الاصابه المميته التي قضت عليه هو رحيلها عن دنياه..شعر ان موتها لم يكن ضمن سيناريو وحوار حياته..ولكن الحياه خرجت عن النص..قال

بينه وبين نفسه. .كل نفس ذائقة الموت..ولكن نفسه لم تعد تذوق الحياه..

    وقف السائق بالسياره امام منزله وانتظره ليغادر مقعده..ولما لم 

يفعل التفت اليه السائق قائلا. .حمد الله علي السلامه يااستاذنا فانتبه

من شروده وغادر السياره دون ان ينطق بحرف واحد..شعر بتثاقل في

قدميه وفي قلبه وانه بكاد يتنفس بصعوبه بالغه..هاهو يعود الي الجنه

التي صارت بعد رحيلها جحيما لا يطاق..صعد الي شقته ادار المفتاح في الباب ودخل ..شعر ان الهواء داخل الشقه ثقيل..وانه لا يستطيع التنفس..وان الهدوء الذي كان محببا في وجودها أصبح هدوءا قاتلا في

غيابها ..خلع ملابسه ووضعها في خزانة ثبابه..وشاهد بعض ملابسها التي يضعها بين ملابسه. .مسح عليها بيده تشممها بشوق اليها...تمتم

سايبه ريحتك بين هدومي 

سايبه خوفك من همومي

سايبه ايامك في يومي

وذكريات مالهاش نهايه

سايبه حاجه فى كل  حاجه 

رغم انك مش معايا..

  دخل الي سريره حاول النوم ..لم يستطع..شعر انه يعيش داخل قبر وليس منزل..لم يعد في منزله نهار ياتي فتدخل الشمس بدفءها  او ليل ياتي فيستطيع ان بنام..اضاء النور..اعتدل في سريره..نظر الي نتيجة الحائط  فوجد التاريخ 7 ديسمبر..يوم ميلاده..كانت وهي حيه تعتبر هذا اليوم عيدا قوميا وتحشد له الاهل والاقارب للاحتفال  معهم 

اما اليوم..فهو مثل سائر الايام  ان لم يكن أسوأها..امسك قلم وكتب

قلبي كان يفتح ببصمة صوت

غصب عن قلبي طواه الموت 

وادي عمرى يفوت وياما يفوت

والحنين في القلب بات مكبوت

ماعدش يظهر في سمايا ضي

ولا عادش فيه بكره ولا عيد جي

وصبحت عايش وحيد ..ميت حي 

  ثم اطفا النور..وعاد الي الظلام الذي يعيش فيه منذ غابت شمس ايامه .

يوم من حياة/نصر سيد بدر.  بعد وفاة زوجتي الراحله رحمة الله عليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق