الجمعة، 12 يوليو 2024

ق.ق لحظات خارج الزمن للأديب سامر الشيخ طه

 قصة قصيرة بعنوان: ( لحظات خارج الزمن)

بينما كان يهمُّ بمغادرة المكتب ، سمع صوتاً في الخارج يلهج باسمه

توقَّف قليلاً أمام الطاولة محاولاً  استبيان مصدر الصوت ومعرفة صاحبته فهذا الصوتُ مألوفٌ بالنسبة له

حاول أن يتذكَّر فلم تمهله في استحضار ذاكرته ووجدها منتصبةً أمامه محييةً ومبتسمةً

_ مساء الخير ومدَّت يدها مصافحةً

مدَّ يده مندهشاً ولم يُجِبْ ، بينما عيناه كانتا تغوصان في بحر عينيها الواسعِ والذي طالما كان يغرق فيه

حاولتْ سحب يدها من قبضة يده  لكنه ضغط بقوةٍ بينما عيناه ما تزالان محدقتين في عينيها

سحبت يدها بسرعةٍ وبقوةٍ وقالت:  كيف حالك؟

عدة تساؤلات حاول طرحها في وقتٍ واحدٍ ولسرعة الموقف  اختصرهافي ثلاثة أدوات استفهام متى وكيف وأين ؟

لم تجب على تساؤلاته وقالت له:

دعنا من كل شيء ، أنا اليوم أريد أن أعيش خارج الزمن وأريد أن أجلس معك لساعاتٍ أنسى فيها خمسة عشر عاماً من الغربة وأختصر مسافةً زمنيةً فصلتنا عن بعضنا إن إجباراً أو اختياراً

حاول أن يسأل ثانيةً ، فوضعت كفها على فمه قائلةً:

الأسئلة ممنوعة وقد جئتُ لهدفٍ محددٍ فإما أن تقبل دعوتي أو ترفضها

قال لها سأفعل ولكن

قالت له: من دون لكن هيَّا

ساد صمتٌ للحظات  ثم خرحا سويةً 

أغلق باب المكتب ونزلا عبر الدرج صامتين دون كلام

كانت سيارته مركونةً أمام باب البناء

وبينما كان يهمُّ بفتح باب السيارة رنَّ هاتفه الجوال

_ مرحباً لقد تأخرت ، العشاء جاهز

أغلق جواله ونظر إليها فإذا بها تتكلم  عبر جوالها

_ ألو ماما أنا بانتظارك

أغلقت جوالها ونظرت إليه فوجدته ينظر إليها

اختفت البسمة من  شفتيها في الوقت الذي اختفت دهشة المفاجأة من عينيه

قال لها: نحن لا نستطيع تغيير القدر والقدر فراقنا

هزت رأسها بالموافقة وذهبت باتجاه سيارتها التي كانت في الطرف المقابل بينما كانت عيناه تتابعان حركتها المتثاقلة صوب السيارة

ظلَّ يتابعها إلى أن جلست خلف المِقوَد وأدارت مفتاح السيارة فركب سيارته ومضى

لم تقل له أنها تزوجت وأن لديها طفلٌ يافع وأنها قضت خمسة عشر عاماً في أوروبا

ولم يقل لها أنه تزوج وأن لديه أولاد وأن حياته قد تغيرت بالمطلق

_ بينما كانت تقود سيارتها باتجاه بيتها أدركتْ أن العيش خارج الزمن لا يمكن ضمن الزمن وأن الواقع أقوى من الخيال  وأن الماضي لا يمكن إعادته بتفاصيله بعد أن تجاوزناه

                        المهندس : سامر الشيخ طه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق