السبت، 13 يوليو 2024

في الغربة وحدة للشاعرد. محمد الإدريسي

 في الغُرْبَةِ وَحْدَةٌ 

هَلْ أنَا الغَرِيبُ أَمْ هِيَ الغُرْبَةُ مَنْ تُلاَزِمُنِي؟

هَلْ أَنا سِرُّ الحُزْنِ أمِ الأحْزَانُ لا تُفَارِقُنِي؟

هَلْ أَنا الغُرْبَةُ نَفْسُها أمْ هِيَ مَنْ تُلاحِقُنِي؟

مَنْ دَلَّهَا فَجْأَةً عَلَى طَرِيقِي حَتَّى تَعْشَقُنِي؟

وَ مَنْ أسْكَنَهَا بِدَاخِلِي أَمْ هِيَ اِقْتَحَمَتْنِي؟


عَلَى بِسَاطِ الدَّهْرِ الحُزْنَ الوَحْدَةُ سَقَتْنِي

بَيْنَ جَوْرِ الجَوْقَةِ بَصْمَةُ الوَحْدَةِ غَرَّبَتْنِي 

جُمُوعٌ عَلَى يَمِيني ضَوْضَاءٌ حَوْلِي تَلِفُّنِي

عِشْتُ عُمْرًا كاليَتِيم ثَقْلُ عُيُوبِي أتْعَبَنِي 

فِي ضَبَابِيَّةِ الأيَّامِ ثَقْلُ الذُّنُوبِ أشْقَانِي


هُمُومُ غُرْبَةٍ خَارِجَ الحُدُودِ لاَ تُخِيفُنِي

بَلْ سُوءُ اللَّيَالِ الطَّوِيلَةِ داخِلَ وَطَنِي

أَبْحَثُ عَنْ مَزَايَا دَهْرٍ عَبُوسٍ أشَابَنِي

عُدْتُ فَاضِ اليَدَيْنِ ضَيَّعْتُ عُنْوَانِي

اِكْتَوَى فُؤادِي وأَلَمُ اليَتَامَى أَبْكَانِي


كَسَا شَعْرِي شِيبٌ عِنْدَ قِرَاءَةِ فِنْجَانِي

قَالَ لِي مُغَادِرٌ، بِمَنِ القَدَرُ سَيَجْمَعُنِي؟

جَمَعْتُ وَرَقَ أسْرَارِي قَارِبٌ يَنْتَظِرُنِي

في لَيْلَةِ نُورِ القَمَرِ عَنِ الوَطَنِ فَرَّقَتْنِي

الوَحْدَةُ السَّجَّانَةُ إلَى المَجْهُول رَمَتْنِي


فِي زَمَنِّ عَلِيلٍ عَنِ الوَفَاءِ الخِيانَةُ حَدَّثَتْني

بَائِعَةُ الهَوَى بِوَقَاحَةٍ عَنِ الشَّرَفِ كَلَّمَتْنِي

صَخِبَ غَضَبِي خِطَابَاتُ الكَاذِبِينَ كَلَتْنِي

فِي عِزِّ النَّهَارِ لا أَرَى النَّاسَ والنَّاسُ تَرَانِي

عَلَى نُورِ نُجُومِ لَيْلٍ طَوِيلٍ أقْضِي زَمَنًا أرَّقَنِي


تَزَوَّجْتُ الوَحْدَةَ وَ أحْبَبْتُها كَمَا أَحَبَّتْني

فَلِمَنْ أَشْكِي تَمَرُّدَ الغُرْبَةِ الَّتي ظَلَمَتْنِي

أَلَمْ يَكْفِ فَقْرُ أوْطانٍ وَأحْلاَمٍ هَجَرَتْنِي

أُقَارِعُ الوَحْدَةَ مِنْ دَاخِلِ غُرْبَةٍ أَنْهَكَتْنِي

أشْعَارُ لَحْنِ شُعُوبٍ وَرَاءَ شَمْسٍ أَلَّمَتْنِي


حَجَرُوا عَلَيْهَا الكَلاَمَ فَمَنْ يُخَاطِبُنِي؟

حَيَاةٌ سَرِيعَةُ المُرُورِ لاَ فُرْصَةٌ مَنَحَتْنِي

لَوْ تَعْلَمُون وَزْنَ هُمُومِ رُكَّابِها حَمَّلَتْنِي

أمْواجٌ بَيْنَ الغُرْبَةِ وَ الوَحْدَةِ تُلاَطِمُنِي

أوْطَانُ عُرْبَانٍ تُباعُ عَلَى رَصِيفٍ يَأْوِينِي

طنجة 11/07/2024

بقلمي

د. محمد الإدريسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق