الأحد، 13 أكتوبر 2024

الإنهيار / ق.ق للكاتب عبده داود

 الأنهيار

12/10/2024

تزوجا بعد قصة حب طويلة. رفيقين في الجامعة ولم يكن ليترك أحدهما الآخر ..

بعد تخرجهما , توظفا في عملين جيدين، ثم تزوجا , وناضلا سوية وحسنا حياتهما ومسكنهما , ورزقهما الله أولاداً , وسارت حياتهما هادئة آمنة غاية في السعادة والانتظام...

تسللت زميلة الزوج في العمل إلى قلب زميلها بسياسة شيطانية...  مانع الزوج كثيرا  التقرب من تلك الموظفة .. كانت تلاحقه، وتلاطفه، وتهديه، وتغريه ,وأخيرا دعته إلى منزلها بحجة عيد ميلادها ..وتحت الحاحها الشديد ذهب الرجل إلى عيد ميلاد زميلته...

  تفاجأ الرجا بأنه المدعو الوحيد إلى الحفلة .. فكر  بطريقة مناسبة للهرب , لكن خناق المرأة كان محكما. 

كانت الشموع.... واللباس الفاضح .. وكؤوس الشراب , ومنظر النار المتراقص في الموقد . والموسيقى الهادئة . وبعدها مشاعر الرقص على ضوء الشموع . كل الأشياء كانت تقود إلى الهاوية وأخيراً سحبته من ربطة عنقه إلى غرفة الليل ... وطال الليل...  ومذ ذاك بدأ الانهيار ...

تكررت الليالي الطوال .. وتكرر غياب الرجل عن المنزل .. وتكرر الكذب  والخداع.

بات عطاء الرجل في العمل يتدنى شيئا فشيئا , منذراً بكارثة. أغتاظ منه المدير  وأنبه عدة مرات شفهيا . ثم صارت انذارات مكتوبة . وآخرها كان تهديدا بالطرد النهائي .

وفي ليلة ليلاء ..جاء الزوج في الفجر إلى بيته مخمورا مترنحا في مسيره يميناً ويسارا , وهو يغني بصوت مرتفع مزعج ...قرع الباب كعادته لأنه لم يرغب يوماً بحمل مفتاح المنزل، حتى تبقى زوجته مستيقظة من أجل خدمته .

تلك الليلة قررت الزوجة ألا تفتح له. وعندما لم يجبه أحد. أخذ يرفس الباب بقدمه ويصرخ مناديا زوجته بصوت عال صارخا لدرجة إنه ايقظ الجيران ... 

فتحت له الزوجة والدموع تنهمر من عينيها وبادرته قائلة : إلى متى  ستدوم هذه الحالة؟ أنا لم أعد قادرة على التحمل .. فقدت قدرتي . أنت أفسدت حياتنا . وحطمت كل ما هو جميل بيننا , إلى أية هاوية أنت ذاهب بنا؟ 

قال :أنا أعمل من أجل بيتنا ومن أجل اولادنا . ويحق لي أن أرفه عن نفسي  .

قالت : أي نوع من الترفيه هذا ؟ وهل أنت تتذكر  أصلاً انه عندك اولاد،  أو زوجة، أو عمل أو بيت ...؟

كفاك خداعي .أنا لم أعد أحتمل كل هذه الأكاذيب . أنا حزينة , لأنني أرى بيتنا ينهار وأنا غير قادرة على عمل أي شيء... لم أعد أحتمل هذه الحياة التعيسة الفاسدة المنهارة .. هذا الانهيار لحق بأولادنا , أصبحت سلوكياتهم فظة ,وأحوالهم المدرسية تراجعت كثيراً ,حتى علاقاتهم مع بعضهم , ومع أصدقائهم تدهورت كثيرا, ينامون باكين، ويستيقظون باكين، يسألون عنك ولا يجدونك.

قال الزوج صارخا ! ألم أقل لك  أنا حر  بحياتي . أريد أن أعيش  حياتي كما يحلو لي ،  كم مرة سأعيش  هذه الحياة...

في ليلة لاحقة , جاء الرجل إلى بيته في الفجر , وأخذ يقرع الباب بشدة , ثم أخذ يركله بقدميه , لكن أحداً لم يفتح له الباب. 

أحضر فأساً من حديقة المنزل ..وأخذ يحطم الباب  ,و يصرخ غاضباً مغتاظاً متوعداً  بتحطيم البيت  وتحطيم رأس زوجته ..

حطم الباب ودخل المنزل , لكنه لم يجد أحداً في الداخل , لا الزوجة ولا الأولاد ... وجد رسالة من زوجته تقول فيها :لا تبحث عنا , لن نعود إليك ,لن نعود إلى البيت  المنهار. 


بقلمي عبده داود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق