سُقوطٌ مُؤَجَّلٌ...
......
سِتُّونَ واثنانِ مَضَتْ.. لَمْ تَعُدْ أَشْيَائِي تَسْتَوْعِبُنِي .. رَأْسِي الَّذِي أَوْهَمَنِي كَثِيرًا بِأَنِّي عَاقِلٌ، اتَّضَحَ أَنَّهُ مَجْنُونٌ .. تَاهَ فِي مَزَابِلِ الأَمْجَادِ وَأَزِقَّةِ التَّارِيخِ. سَأَعْرِضُهُ فِي مَزَادَاتِ البَغَايَا عَسَى تَضَعُهُ دَاعِرَةٌ عَلَى جَسَدِهَا فَيُحْسِنَ هَزَّ أَرْدَافِ اللَّيْلِ .. أَوْ أَتْرُكُهُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ عَلَّهُ يُغَادِرُ أَطْلَالَ (قِفَا نَبْكِ ...) وَتُرَّهَاتِ المَعَرِّي .. يَنْفُذُ خَارِجَ دَهَالِيزِ الجَاحِظِ.
كَانَ أَبِي يُحِبُّ الحَدِيقَةَ كَثِيرًا .. غَادَرَتْنَا الحَدِيقَةُ كَمَا الفَرَاشَاتِ .. لَمْ يَبْقَ مِنْهَا سِوَى ذِكْرَيَاتٍ عَالِقَةٍ كَأَطْرَافِ حَدِيثِ المَقَاهِي .. أَفْكَارٌ تَجُولُ بِرَأْسِي المَعْتُوهِ تَتَلَاطَمُ كَأَمْوَاجِ بَحْرٍ غاضِبٍ. أَنَا طِفْلٌ صَغِيرٌ أَحْتَاجُ أَنْ أَحْبُوَ بَيْنَ يَدَي أُمِّي .. أَضَعُ رَأْسِي عَلَى رِجْلِهَا تُهَدْهِدُنِي بِتَرَانِيمِهَا السُّومَرِيَّةِ .. سَيَبْنِي اللهُ سَمَاءً ثَامِنَةً كَيْ تَسَعَهَا.
كُلُّ الصُّوَرِ تَتَرَاءَى لِي كَأَحْلَامِ يَقَظَةٍ ..خُيُوطِ سَرَابٍ .. أُحَاوِلُ أَنْ أُمْسِكَ بِتَلَابِيبِهَا .. تَنْفِرُ هَارِبَةً .. لَا أَسْمَعُ إِلَّا أَصْوَاتَ ضِبَاعٍ .. نَعِيقَ غِرْبَانٍ .. أَشُمُّ رَائِحَتَهُمْ حَوْلِي .. أَخَافُ أَنْ يَنْهَشُوا بَقَايَايَ .. عَلَيَّ أَنْ أُلَمْلِمَ أَشْلَائِي المُبَعْثَرَةَ بَيْنَ شُوَاظِ السِّنِينَ.
قاسم سهم الربيعي
بغداد /العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق