✍️ ولادة قلم
قالوا عن الحرفِ: هذا هباءْ
وهذا القلمْ قد طغى وامتَحى
فغضبَ السكونُ، وجفَّ الكلامْ
وما عاد يُلقي اللّومَ
عتابٌ يجيءُ كنصلِ السيوفْ
ونقدٌ كسيفٍ يخرُّ الفِدا
فقالوا: كأنّك تكتبُ صمتًا
وحرفُك من دونِ لحنٍ بدا
كرهتُ القلمْ، وقلتُ: ارحلي
فحبري جفاهُ ندى العاطفهْ
غضبْ قلمي، صاح: لا، ثم لا!
تمهّلْ، فكم من قصيدٍ خُطِفْ
تعالَ إليّ وخذْ من دماكْ
ولا تُطفئِ الحبرَ في مُنحنى
تعلَّمْ حروفَ الهوى من جديدْ
وأبحرْ بقافٍ له مُحتدى
فعبّرْ، ولا تخشَ قيدَ الحياءْ
وصُبَّ اشتياقَك في مُقلَتيكْ
فهذا بدايةُ نبعِ البيانْ
وهذي خطاكَ على أوّليكْ
أين التي كانت تحيي السكونْ؟
رحلت، ولم تُلقِ حتّى السلامْ
وكانت تُثيرُ الحروفَ اشتعالًا
وتُشعلُ في القلبِ نارَ الغرامْ
علّمتني ألّا أظلَّ انتظارا
ولا أستجدي بقايا الوئامْ
توارت سنينُ الهوى والحنينْ
وأبقيتُ نفسي بغيرِ مرامْ
وحتى أتى الصوتُ من عمقِ روحي
يُزلزلُ صمتَ الدجى والظلامْ
أعاد الحسابات، هزّ الكيانْ
وأشعلَ في القلبِ نورَ السَّلامْ
فأدركتُ أنّ القصيدةَ حيّهْ
وأن القلمْ ما عرفْ انسجامْ
كتبتُ "الولادةَ" فجرَ الحروفْ
وأطلقتُ حلمي من الانسجامْ
بقلم نادية التومي