الخميس، 21 أغسطس 2025

Hiamemaloha

ذات الظل الأسود للكاتب سالم حسن غنيم

 ذات الظل الأسود


كان أحمد في سن المراهقة، 

يهرب من البيت كل مساء إلى الشوارع المظلمة التي تعج بالرفاق والضوضاء، 

يظن أن الحياة تنتظره هناك. 

أما في البيت،

 فكانت أمه فايزة تنتظره، 

تصارع وحدتها وتعبها مع زوجها المريض حسن، ولا تجد إلا أوراقًا صغيرة تتركها على طاولة المطبخ أو ملصقة على باب الثلاجة لتكلمه بغيابه.


كانت تكتب له:

طعامك في الرف الثاني…

 لا تنسَ أن تأكل.

ثم صارت تكتب:

أحمد، 

ضَع ملابسك المتسخة في الغسيل.

وأحيانًا:

غدًا موعدك مع طبيب الأسنان ..

 لا تنسَ.


ومع مرور الأيام، صار أحمد يقرأ الأوراق على عجل أو يتجاهلها كأنها شيء عابر لا قيمة له، 

حتى صارت تلك الأوراق رسائل حياة أم تعيش لابنها.


وفي ليلة باردة، 

عاد أحمد متأخرًا، 

فوجد ورقة جديدة على الطاولة. نظر إليها، لكنه تكاسل عن قراءتها ورمى نفسه على السرير ليستسلم للنوم.

في الصباح، أيقظه والده حسن وهو يبكي بحرقة:

قم يا أحمد ..

 أمك ماتت.


تجمدت الكلمات في حلقه،

 لم يصدق ما سمع، 

حتى شيّعها إلى مثواها الأخير،

 ووارى التراب جسدها.


عاد إلى البيت مكسورًا، 

وجلس في المطبخ حيث اعتادت أن تترك رسائلها. 

تذكر ورقة الليلة الماضية، 

فانتفض يبحث عنها بيدين مرتعشتين،

 حتى وجدها. 

فتحها بلهفة، 

فقرأ:

أحمد… 

تعبت كثيرًا الليلة.

 أشعر أنني لست بخير. 

أرجوك،

 عندما تعود لا تنم… 

أيقظني وخذني إلى المستشفى.


وقعت الورقة من يده، 

وسقط معها قلبه كله.

 جلس على الأرض يضرب رأسه بكفيه ويتمتم:

ليتني لم أنم…

 ليتني أيقظتك يا أمي.


منذ تلك الليلة، صار أحمد يعيش مع ظل أسود يطارده…

 ظل الذنب، 

ظل الغياب،

 ظل الرسالة الأخيرة.

سالم حسن غنيم 

حكواتي الوجدان الشعبي 

رواية..ذات الظل الاسود

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :