ضحكتُ لأن حقدهم أظهر قوّتي
كانوا يظنّون أنني سأنهار تحت ثِقَل كراهيتهم،
أن سُمومهم ستتسرّب إلى أعماقي وتفتك بي،
وأن نظراتهم المسمومة ستجعلني أرتجف وأتكسّر.
لكنهم لم يدركوا أن الحقد لا يقتل… بل يكشف.
فكلما اشتدّت سهامهم، ازددت صلابة،
وكلما حاولوا أن يكسّروا روحي، تحوّلت كسورهم إلى دروع تحميني.
ضحكت.
لا لأنني لم أتألم، بل لأنني وجدت في ألمهم اعترافًا بوجودي.
ضحكت لأن شرّهم لم ينل مني، بل صهرني،
وصاغني أصلب مما كنت، كحديدٍ وُضع في النار ثم خرج أقوى.
لقد فضحهم حقدهم:
أظهر أنهم يرون فيّ شيئًا يستحق العداء، شيئًا أكبر من قدرتهم على احتماله.
ولو كنت هشًّا كما يتمنّون،
لما اجتمعوا على ضعفي المفترض بهذا الإصرار.
ضحكت لأن كراهيتهم لم تُضعفني، بل منحتني برهانًا لم أطلبه:
أنني حاضر بما يكفي ليثيرهم،
قويّ بما يكفي ليخيفهم،
متجذّر بما يكفي ليظلّوا يطاردونني بظلالهم السوداء.
لأول مرة أدركت أن الحقد قد يكون هدية متخفّية،
هدية تكشف لي ذاتي أكثر مما يفعل المديح،
هدية تجعلني أرى حقيقتي التي حاولوا إخفاءها عني.
ضحكت.
لا شماتةً بهم، بل يقينًا بنفسي:
أنني لم أكن يومًا ضعيفًا كما أرادوا أن أصدّق،
بل كنت دومًا أقوى مما تخيّلت…
وحقدهم وحده هو من أثبت لي ذلك.
الكاتب : إدريس أبورزق