البحث عني
خرجتُ مني أبحث عني
فلم أجد غير غربتي
في مهوى الغياب
لم أجدني على صدر القصيدة
غير جسد منهك
في عتمة اليباب
والروح تتنفس غبار التيه
خيالا لا حقيقة للوجود
لا ظل هناك سواي
لا متعبا بالاماني سواي
الواقع عقائد وموانع
حرائق وفواجع
خيطت على مقاسات المستحيل
حارقة متوهجة أقوالها
بارد ، شبم وصالها
غامض ميلها ودلالها
فأي لفظ يزلزل أعماق
من سكنت دمي ولا أراها..
لا أفق ، لا أمل أراه
أو يراني في جبة الممسوسين
بنار الشوق
أن تعشق شاعرة
مكتوفة الأيدي كأنك تضاجع
سطورا من السراب..
مَرَقتُ عن شروط القريض
كفرت بالإزرف
لأسجن في عين الأمل
البحر لا يحب غياب الموج
السفر إلى عينيك لا يكون
إلا بحقائب الأحاسيس
السفر إلي لا يكون
إلا بتحدي الجسد للمتاريس
فماذا أعطانا هذا البعد
غير زفرات الحروف
غير لوعة الأفئدة
وحريقا يتهندم
بأهداب المستحيل؟
ماذا منحنا هذا الوجد الجارف
سوى أنينا لا حنينا
عليه ننام
عليه نستفيق.
خرجت مني لأراني مستلقيا
على أريكة القصيدة
فزادتني حيرة على حيرة
وجدت نفسي حين يراجع
الظل ظلاله
ويكتب المداد سؤاله
معتقلا في دفاتر الغياب
وجدتني حلما يشبه السراب
ممحاةً تمسح الضوء
عن رسوم الأمس كل مساء
بل تعيد نفس الموال كالببغاء..
هل أنكرت وجهي كل الحروف
هل تحاشت ملامحي كل الظروف
أم شبه لي ؟
فماذا جنى قلبي
ليبقى معلقا كالوحم
بين السطور لوعد مؤجل؟
لستَ ملاكا يا أنا كي تعيش
نصف الحب ونصف الانتظار
الروح هنا تمرح والجسد هناك
سيظل الظمأ يلاحق جسدك ويمناك
إلى أن تخبو شرارة النبض
حيث تعانق النسيان والهلاك
هي ليست لك
لن تكون لك
الواقع واقع
لا يصنعه أمل مسيج
بالممنوع والمحرم
فانتبدْ لقلبك ركنا خفيا
لصلوات الهوى السجينة
بين ثنايا الزمن المر
والقدر السخيف
يا فؤادي لا تسل
إن أرادتْ أن تتحلّلَ منك
فدعها تحْلِقُ رأس الحلم
بشفرة حادة كي لا يموت
العشق بالتقسيط
دعها تتحرر منك إن شاءت
الحب كما تراه لا يليق بك
فأنت لم تستطع إسعادها
ولا إسعاد نفسك
ستظل غريبا تائها
في بساتين الشعر
ستظل ظلا مكسور الجناح
بين المباح واللامباح
لا تنادي طيفا للياليك الملاح
فأحلام الليل مهما أنارت
فؤادك الجريح
ترحل مع طلوع الصباح.
محمد كابي
مساء 26/10/2025