الثلاثاء، 5 مارس 2019

Hiamemaloha

السِرِّ !

===
حسام الدين بهي الدين ريشو
=============
مُثْقَلُ الخطى ؛ كواحد من أبناء المدينة الفاضلة التى أصابتها زلازل العصر ؛  فتهدمت على من بها ؛ ولم ينج أحد سواه .
روحه كملاءة بيضاء ممزقة ؛ يروح ويغدو منفصلا عمن حوله ؛ إلا بقدر اقترابهم منه .
وكأنه يعيش في اللامكان بعيدا عن إيقاع الحياة
حزينا ؛ يتأمل ولا يتحدث إلا نادرا .

يخلو بنفسه في ركن قصي بالنادي .. يتراقص فيه ضوء خافت وتتغشاه سكينة موحشة .

لا صوت إلا صوت ذاكرته ؛ يمسح رأسه بين حين وآخر كأنه يمسح آثار مامُنِي به في الحياة.

حين رأته أقبلت عليه مرحبة بوجوده في النادي .

عرفها ؛ إنها الفتاة التى صفقت له كثيرا أول أمس عقب إلقاء قصيدة .
استأذنته أن تجلس إليه قليلا ؟

وافق على مضض ؛ ردا لتحيتها الحميمية له بالأمسية .

تأملها عن قرب .. رآها بحكم خبرته التى اكتسبها من غدر الايام وتنكرها له ؛

 ضحية نفس الكمين الذي نصبته له الحياة .

فأنصت إليها باهتمام وهي تسأله :

-لماذا تتعمد إعتزال الناس رغم ان ماتكتبه يعبر عنهم .. الحنين والذكريات ونار الأشواق ؟

أجابها بمرارة :

- قسوة الواقع يا آنسة ...

ردت سريعا :

- نسرين ... نسرين يا أستاذي

عاود الحديث :

قسوة الواقع يا آنسة نسرين ؛ الفقد ؛ المنافي الإختيارية ؛ الموت ... إهانته للإنسانية حتى أنه لم يترك لها مجالا تخضر به ؛ فآثرت الوحدة .

سألته :

- وما تكتبه عن الحب ومشاعره النبيلة مِن أين جاء ؟

أجابها في شجن بدا مرهقا له :

- الحرمان يا آنسة .. الفقد .. يجعل الكتابة كأحلام يقظة لمراهق أو مراهقة ؛ 

يظنون أنها يمكن أن تتحقق 
.
تأملته حائرة .. بماذا ترد ؛ وإن كان في خلفية ماقال إجابات للأسئلة ترهقها ؛ أو أنامل تلامس جراحاتها .

قبل أن تعاود السؤال ؛ كان قد نهض واقفا وإن بدا منكسرا مستأذنا في الإنصراف

قامت هي الأخرى هامسةً :

-أرجو ألا أكون أزعجتك .. وآمل ألا تحرمني فرصة الجلوس إليك كلما جئتَ هنا ؟
بدا أكثر شجنا وهو ينظر إليها مرة وإلى المجهول البعيد مرة أخرى ؛ ثم غادر قائلا :
- لا بأس .. لا بأس

بعد أيام تلقت نبأ وفاته

كانت جنازته أغرب من حياته ؛ فلم يشيعه إلا نفر من الأقارب وبائع الكتب وهي

إلا أنها على البعد لمحت في زاوية من حرم المدافن إمرأة متشحة بالسواد .. وبيديها طفلان !!
**************
حسام الدين ريشو

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :