عاشوراء : مجلس الدمى
أمينة بنونة
اضاءة : أي تشابه مع مجالس اخرى مجرد صدفة.
يبدأ العد العكسي، ثلاثة أيام، يومان، يوم واحد. الليلة التي تسبق عاشوراء (تاسوعاء )جل الناس صيام وفي المساء تعد جدتي قصعة الكسكس من القمح الخشن ، تصر أن تعدها بنفسها وكأنها ترسم لوحة ، القديدات تحت الخضر، وحبات الحمص على الجنبات ، ونتحلق حول القصعة و نهجم عليها غير مبالين بحرارة منبعثة منها ، نسمع جدتي تتمتم بأدعية وتصر أن تعطي كل منا نصيبه من القديد .. نبيت الليلة نحلم بعاشوراء اليوم الذي لا يشبه كل أيام السنة. صبيحة عاشوراء نتسلل من أسرتنا نطل من النوافذ ، أفواج من زائري المدينة اغلبهم من البوادي المحيطة ، نعرفهم بسحناتهم بألبستهم ، نهرع نحن الصغار إلى " القشاشين" هناك تجتمع نسوة وأطفال ،يتحلقون حول بائعي القلاليش " نساء يتصدقن بالقلوش المملوءة بالماء، والأطفال يتسابقون لينالوا أكبر كمية من "القلاليش" فيما الكرابة " يصيحون ويقرعون أجراسهم ويملأون طاسات نحاسية ماء ويمدونها للمارة . تتجه الأفواج المتقاطرة على المدينة صوب ساحة سيدي بواحمد ، أصوات المزامير تختلط بأصوات المفرقعات ، أطفال في مثل سننا يرافقون آبائهم يتأملون المدينة ومعالمها في اندهاش وفرحة ، رائحة الشباكية تغري البدويين يكتالون اكبر كميه منها ويضعونها في اصطل حديدية اشتروها خصيصا للمناسبة ،كثيرون يعمدون لأكل الشباكية في الشارع وكأنهم يتذوقونها لأول مرة أو ينتقمون من مرارة الحياة بما هو حلو . نعود إلى منازلنا وكل منا محمل بحكايات وأغربها ما يقدم عليه أطفال المدينة الذين كانوا يعمدون إلى وضع مفرقعات في "قب"جلابيب البدويين وبين ثناياها ، ويضحكون للهلع الذي يصيبهم بعد انفجارها وصوتها المدوي. في المساء نرافق والدنا بعدما نتأنق بأجمل ما لدينا من ملابس ، على طول الشارع لا تزال بقايا القلاليش المكسرة وبقع الماء هنا وهناك، أصوات الكرابة تنادي قرع الأجراس على طول الشارع إلى أن نصل ساحة سيدي بواحد، الازدحام على أشده ، نمر أمام بائعي اللعب ، أتأمل اللعب الجديدة لايسترعي انتباهي إلا الدمى ،أطيل النظر إلى دمية معينة ، شعرت إنها تنظر إلي ،لاحظ أبي نظراتنا المتبادلة أنا والدمية ، اشترى لي أبي الدمية ضممتها إلى صدري ، فيما أخي انقض على مسدس مائي,وكرة . نكمل الجولة عبر محلات الحلويات بأشكالها وأنواعها الفاكهة اليابسة وأنواعها الشباكية, جبان بألوانه الزاهية ومذاقه الممتع وبائعي الأبخرة ، في الجهة الأخرى كانت أصوات الباعة وأصحاب الحلقة كل يصدح ليجمع حوله أكبر عدد من الجمهور متحديا باقي الحلقات بقفشاته وإيحاءات تضحك الناس فيما تستل بعض النسوة خجولات وهن يغطين وجوههن وضحكاتهن بتلابيب من حياكهن ، لاعبو السويرتي ،ورائحة الأبخرة تملأ الفضاء . نعود محملين بالحلويات والفاكية ، أحضن دميتي ، نصل المنزل ، أتعمد التسلسل والخروج إلى الحي حيث صديقاتي كل منهن تحمل دميتها ،نتعمد أن نجلس الدمى إلى جانب بعضها ونجلس متأملات مجلس الدمى