#رواية_عبور_البحر_الأبيض_المتوسط 💦
تحكي الرواية عن حياة فتاة عاشت في ظل أوضاع أسرة مغربية تقليدية....تحكمها تقاليد وعادات المجتمع التي ظلت تحت رحمتها.... مما عاق دون تحقيق أحلامها... إلى أن وجدت نفسها قد عبرت البحر الأبيض المتوسط باتجاه مارسيليا.... حيث ضاع ابناءها هناك، وهم عرضة تياره الذي جرفهم للغوص في حياة ما كانت من أصلهم.
#الفصل_الأول (في المغرب)
#الجزء ٥
صدق حدسي لقد بدأت حياتي الآن بالخسارة والإذعان لما يطلب مني دون أن أتفوه بكلمة. أمي أتت فوق رأسي هذا الصباح لتوقظني طالبة مني أن أقوم بشؤون المطبخ، مكاني الطبيعي كما وصفتني به. ما همها إذا كنت سأتحمل أم لا، ومع ذلك فقد تعودت الوقوف أمام حوض المطبخ لأنظف كل تلك الآواني التي تأبى أن تنفذ وكأنها تولد من جديد "اللعنة عليها " سمعتني أمي أنطق بها في إحدى المرات فكان جوابها:
- أنت التي لم تفلحي في دراستك لتجربي إذا شغل البيت.
كم كانت كلماتها قاسية رغم أني لست المذنبة، أخاف أن تتوالى علي الخسارات علي أخرى تلو الأخرى. كم كنت أتمنى لو لم أكن الكبرى، فكم أغبط أختي فعلى الأقل لم يُحمّلوها يوما مثل ما حمّلوني من المشاق. ودون أن أشعر وجدت بداخلي إحساس بالغيرة ينتابني اتجاهها، كيف لهذا الإحساس أن يولد؟
أحيانا كنت أشك أني ابنتهم، هي أفكار سوداء كانت تطفو في مخيلتي، فلم أكن أجد بدا سوى الهروب منها للتحليق بخيالي نحو أحلام مستحيلة، تمنيتها لتلك الطفلة البئيسة التي بداخلي. حينها أهرع إلى غرفتي التي كنت أشاركها وأختي لأسلي نفسي بلعبتي الموسيقية، محتضنة دبي وأنا أستمع إلى نغماتها لعلّ نفسي تُهدَّب قليلا وتنظف من الشوائب.
غرفتي كانت هي فضائي الوحيد الذي أشعر فيه بحريتي، غالبا ما يُسمح لي بالاستفراد بنفسي بعد فترة الغذاء، حين نكون قد أنتهينا من أشغال البيت. أختي تكون في مدرستها وأخي الصغير تأخذه أمي إلى الحضانة لتستريح بعدها في غرفتها وتنعم بقيلولتها، اما انا فكنت أقرأ بعض القصص الخيالية، مستمتعة بموسيقتي التي تحملني إلى عالم آخر كله نقاء وحب، لايشبه عالمنا ولا حارتنا التي أقطن فيها.
في هذا العالم حيث لا لشبيه لمن يحمل أخبار الحي وينقلها للآخرين كما تفعل جارتنا التي لا تنفك تنتقل من منزل لآخر ، فكم من مرة وجدتها مع امرأة مختلفة تثرثر بالساعة في الحي لتستفسر عنها كل شيء ، هواية غريبة كانت لديها..
والأغرب حين كانت تأتي عندنا وأنا أستمع لحديثها مع أمي التي لا تنفك تنصت إليها بكل اهتمام، وجارتنا لا تتوقف من السرد وكأن بجعبتها راديو .
لن أنسى يوما بعد أن مللت من ثرثرتها، كلمتها دون أن أشعر بنفسي:
-خالتي لقد أخبرونا في المدرسة أن نقل الكلام حرام.
أجابتني أمي غاضبة:
-لماذا تحشرين نفسك مع الكبار إذهبي إلى غرفتك؟
أسرعت إلى غرفتي وأنا أسمع أمي تعتذر منها، وتخبرها أني مازلت صغيرة لا أفقه شيئا. استصغرت حينها أمي كنت أتمناها أن تكون إنسانة واعية لا تهتم بتلك الفئة التافهة من الناس، التي لا شغل لها سوى تتبع عورات الغير .
كم كنت خائفة وأنا في غرفتي وددت أن لا يمر الوقت. من المؤكد أن أمي سوف تسمعني كلاما لادعا، وتشتكيني إلى أبي. لكني ما قلت سوى الحقيقة ربما قول الحق لم يعد مستحبا وجوده بيننا في زمننا هذا .
سمعت الباب يغلق تظاهرت بالنوم، إلا أن أمي جدبتني من يدي حتى أحسست بالألم في معصمي، رددت على مسامعي:
-يجب عليك احترام من هم أكبر منك سنا.
- لكن تلك المرأة ثرثارة ونمامة.
-وما شأنك أنت بها، اهتمي بشؤونك فقط، وإلا سوف أخبر أباك.
لمجرد سماعي أنها ستخبر أبي لدت بالصمت، معتذرة لما صدر مني، وإن كنت أستشيظ غضبا. كان بداخلي تمرد على ثقاقة تلك الفئة من الناس، التي تقضي معظم أوقاتها في الثرثرة وتصديق الخرافات والشعودة، وأحيانا التطير من كل شيء سيحدث، عالم غريب عشت فيه.
#سميا_دكالي
(يتبع)