#رواية_عبور_البحر_الأبيض_المتوسط 💦
بقلم الأديبة سميا دكالي
تحكي الرواية عن حياة فتاة عاشت في ظل أوضاع أسرة مغربية تقليدية....تحكمها تقاليد وعادات المجتمع التي ظلت تحت رحمتها.... مما عاق دون تحقيق أحلامها... إلى أن وجدت نفسها قد عبرت البحر الأبيض المتوسط باتجاه مارسيليا.... حيث ضاع ابناءها هناك، وهم عرضة تياره الذي جرفهم للغوص في حياة ما كانت من أصلهم.
#الفصل_الأول (المغرب)
#الجزء ٤
أتذكر يوما عدت من المدرسة والدموع تملأ وجهي، وكل فرائصي ترتعد خوفا من العقاب الذي ينتظرني. فنتائجي كانت سيئة. من المؤكد لن أسلم، وسوف أسمع ما لا أطيقه وربما أوسع ضربا. إنها ضريبة سأدفعها رغم براءتي حتما، لست أنا المذنبة فكل اللوم يقع على والدي اللذين لم يكونا معي في كل خطوة من خطوات حياتي أثناء الدراسة. لم أرى منهما سوى الإهمال وتحميل لمسؤوليات أكبر حجما مني. دخلت البيت بعد أن فتحت لي أمي الباب وهي مندهشة قائلة :
- ماذا حدث معك ولما البكاء؟
- لاشيء أمي لقد رسبت هذه السنة.
ردت بسخرية دون مراعاة لشعوري:
- كعادتك كنت أتوقع منك ذلك مكانك الطبيعي المطبخ، لا داعي لمزيد من تضييع الوقت والمال دون فائدة.
نجوت من الضرب لكن وقع كلامها على قلبي كان شديدا، لقد أثر ذلك في داخلي كثيرا، أمي لم تدرك أني كنت أتلهف إلى أن يُأخذ بيدي، بدل إهمالي وإحباط كل معنوياتي حتى فقدت الثقة في نفسي، وبدا يتراءى لي أني شخص غبي لا أملك ذرة عقل حتى أحلل كل ما حوالي .
استسلمت أخيرا لحكم أمي فقد اختارت لي المطبخ كمكان لي، كما اختارت مسبقا إسمي الذي يدل على السعادة التي سأعيشها وتنتظرني مستقبلا. ربما تسرعوا في إطلاق ذلك الاسم علي، كيف أكون سعيدة؟ وبداخلي أشعر بداية اتخاذ الألم مكانا له عندي. فأول دفعة تلقيتها وأنا أخسر دراستي لأعوضها بمكاني الطبيعي كما تقول لي أمي دوما المطبخ.
لقد تعودت على الرضوخ والإذعان للآوامر، حتى البكاء تعلمت أن أبكيه صمتا، دون أن يكتشف أحد ذاك الكم من التساؤلات التي ظلت تؤرقني طول الوقت وكلي شوق أن أطرحها لمعرفة الأسباب. أن أسألهم لماذا ليس لي حق اختيار ما أريده لي في حياتي، وحق اعتراضي على أمر إذا لم أرد تلبيته؟
لكن خوفي من ردة الفعل وعدم ترك مجال للحوار هما السبب في صمتي، وفي نهاية ما رغبتها ولا راقت لي. علم أبي بالأمر، فأمي نقلت إليه الخبر السيء فور وصوله ليوبخني بدوره وينعثني بالفاشلة وعديمة المسؤولية.
خلدت للنوم مبكرة أبكي بحرقة أتقلب على سريري، حضنت لعبتي المفضلة كانت دبا أهدته لي جدتي بمناسبة "عاشوراء" ومعه آلة موسيقى أستمع إليها كل ما وددت الانفصال عن عالمي، أكيد هذا الجماد الذي أضمه قد يكون أحن من البشر، فقد أحس بمصابي ليحتويني وأوجاعي. فما زادني حزنا منذ أن بدأت أعي بوجودي هو شعوري بالوحدة، كم هو شعور يحمل بين طياته كل الخوف والتبلد وأنت متيقن أنه لا ملجأ إليك سواك تصارع الحياة بمفردك، إلا أنه بالمقابل كان يعزيني إحساسي بوجود قوة معي آلا وهو ربي، حينها أتنفس كل ما بداخلي وأضم لعبتي لأسافر إلى عالم النقاء.
كنت متأكدة بعد تخلي عن الدراسة أني سأقضي عمري بين يدي من سيأمرني فلن أكون طبعا الآمرة. كلما تجلت الصورة أمام عيناي، إلا وسيل من الدموع يسيل ليملأ مخذتي.
#سميا_دكالي
(يتبع)