السلاحف لا تبتسم!!!
بقلم الاديب أحمد علي صدقي
إن كنت سمكة ضعيفة تعيش في محيط تعيش فيه معك السلاحف فهذه خيبة أملك وانتظر الهلاك!!!
سألت جدتي رحمها الله، يوما عن عيش السلاحف في محيطها، فقالت:
مصيرنا يا ابني كمصير سمك يعيش وسط سلاحف. قلت:
- كيف ذلك؟ قالت:
- لعلك لا تعرف شيئا عن مكر السلاحف.. سأزودك يا ابني بمعلومات عنها. قلت:
- حاضر فكلي آذان. قالت:
- اعلم يا ابني أن السلاحف من الديناصورات التي هي من زمن بعيد فلا تعرف شيئا عن زمننا هذا. تعيش في قوقعة سميكة لا يهمها من حولها.. قوقعتها تتكون من صفائح قرنية صلبة متراصة، تغطي جسمها لحمايته.. فهي تتحرك بكل أمن في محيطها.. وهي تعيش في البر والبحر وفي برك الماء.. والتي تعيش في البرك، تحب أن تعكر الماء حولها.. لها ميزة خاصة هي أنها ذات دم بارد.. لا يقلقها ولا يزعجها من تمرد حولها أو بكى لجوع أو عطش في محيطها.. واعلم أنها حين تبيض، فهي لا تحتضن بيضها، لذا لا ينتظر منها أن تحتضن بيض الغير. والسلاحف ليس لها آذان فهي لا تسمع.. فيمكنك أن تصيح بأعلى صوتك فكأنك واعظ في صحراء تصيح بأعلى صوتك ولا من يسمعك فيها.. والسلاحف ليست لها أسنان، لتعرف هل هي تبتسم لك أم هي غاضبة عليك، بل لها مجرد منقار حاد تقضم به كل ما تجده بجانبها، اخضرا كان أم يابسا.. قلت:
- معلومات جد مفيدة يمكن أن نعمل بها في محيطنا الانساني. قالت:
- ممكن.. ولكن لم تسألني يا ابني، لماذا السلاحف ترغب في أن يظل ماء البرك عكرا؟ قلت:
- ولماذا هي ترغب في هذا. قالت:
- لانها تحب أن تصطاد في المياه العكرة، ففي المياه العكر، الكل يسبح في عشوائية ولا أحد يرى أحدا من السباحين الآخرين حتى ولو كان عدوه.. الكل يسبح في فوضى، وهذا يُمَكِّنها من اصطياد السمك الضعيف لتتغدى به.. عندما يكون الماء صافيا، فهذا السمك يمكنه أن يرى عدوه من بعيد فيمكنه تحويل اتجاهه و الهروب من الخطر، ولا يمكن حينها للسلاحف المكرة اصطياده، وقد تموت جوعا.. فالوسط العكر يمكِّنها من توفير وجباتها والعيش في رخاء.
قلت لها:
- فهمت قصدك. ولهذا في نظري، على السمك أن لا ينتظر منقذا سحريا لتصفية مياه بركته، بل عليه أن يعمل جاهدا لتصفيتها بنفسه حتى يمكنه، وفي شفافية، رؤية من يسعى للتهامه، فيتجنبه ويعيش بقية حياته في سلام.. قالت:
- جيد. وهذا ما أردت أن تفهمه من محيطك...
أحمد علي صدقي/ المغرب