يا أب ريان
بقلم الشاعر أدريس العمراني
حفرت البئر و أبذلت جهدا جهيدا أملا للوصول إلى الماء .لإحياء الزرع و الضرع فلم يحصل .و بقي البئر جافا مهجورا عميقا لمدة عقدين من الزمن.. لكن مشيئة الله و القدرة الإلهية شاءت بعد هذا الجفاف أن تنبت فيه زهرة فاح عطرها العالم و الكون...زهرة تحمل من الجمال كل لون هي آيات من آيات الله أرادها الله أن تزعزع القلب من مكانه . أرادها الله وقفة تدبر وتأمل ..
رحلة ريان انطلقت من غياهب الجب إلى قبر مهما كسوناه من رداء الحسن و الهيبة و الوقار فقد رعاه الله بقدسية سرت في دمنا و عروقنا هاجت لها كواسرنا و سالت لها مآقينا....
قصة ريان الذي فارق عيوننا و لم يفارق أفئدتنا رحمه الله لم نقرأها في القرآن لكنها إشارة من الرحمان و درس من دروس الزمان تعاطفت معها كل الأديان ستبقى راسخة في الأذهان مستعصية على النسيان ..
قصة ريان رسالة لقلوب غطاها غبار التنكر و النسيان . نسيان أطفال تعذبو و لا زالوا يتعذبون في الأرض.
البعض يذبح و البعض يغتصب و البعض يردم حيا و البعض يسجن و البعض يغرق . وذنب الصغار من جرم الكبار رسالة لنفيق من سباتنا و نعتبر .رسالة دواء نداوي به الضمائر المجروحة و الأفواه المكلومة و البراءة المظلومة.
قصة ريان جاءت لتوقض الضمير العالمي لتحيي فيه الانتماء الذي فقدناه و الارتباط الذي مزقته خيوط التفرقة .
قصة ريان خرجت من باطن الأرض اخترقت الصمت و الظلام لتقول كفى كفى.
عجبا لك يا صغيري كيف استطعت أن تزرع الحب في الظلام؟؟؟؟؟؟ كيف استطعت أن تخطب في الناس بلا كلام؟؟؟؟كيف برعت في نقش رسالة السلام؟؟؟؟؟كيف نسجت من خيوط العذاب حرير الوئام؟؟؟؟؟ كيف استطحت أن تكتب ملحمة الالتحام؟؟؟؟؟؟
هل تعلم يا ريان أنك كتبت قصة دخول للتاريخ من الباب الواسع أنت رحلت لكنها ستبقى على الدوام....
رعاك الله يا ريان فقد جمعت ما لم يجمع. و أقنعت من لا يقتنع . و أسمعت من لا يسمع . عاهدت و وفيت ..قصتك تركت في القلوب جرحا أعمق من الجب الذي كنت فيه تتعذب
لك اليوم و لأطفال العالم يدوي جسدي
لمن شردوا و اغتصبوا على يد المعتدي
يا حمائم الروض حبي لكم لن ينتهي
كنتم شمسا كنتم لنا نورا به نهتدي
جاءكم ريان اليوم فأحسنوا ضيافته
حاملا عطر مسك من أقصى الروابي
استقبلوا من فض لأجله الصخر و الركام
وخرج من الجب كالأسد من العرين
تاركا وراءه بقايا الزفير و الأنين
استقبلوا ريان ابن الخمسة سنين
استقبلوا ريان شهيد الخمسة الصعاب
اسألوه ففي ضفة جناحيه كل جواب
اسألوه ففي كفيه حقيقة مثل الشهاب
اسألوا ريان دمعة الكبد و القلب المداب
اسألوه يا أطفال لا تبحثوا عن الأسباب
فكلنا في حقكم نستحق اللوم و العتاب
ادريس العمراني