المقص للأديبة فضيلة الشاوي

 المقص

بقلم الأديبة فضيلة الشاوي

علت أصوات الزغاريد القادمة من اتجاه بيتنا، على صوت دقات قلبي الفرح بتميزي اليوم، الأولى على مدرستي في الشهادة الابتدائية، سيفرح أبي بالتأكيد.

يبدو أن أحدهم سبقني وزف له البشرى،

للمرة الأولى تستقبلني زوجة أبي بابتسامة عريضة، يبدو أن نجاحي أتى أول أُكله، أمسكتني بيدها، وأخذت الشهادة من يدي، واتجهت بي نحو الباب الخلفي للمنزل، كم فرحت بها وهي تدخلني غرفة نومها المحرم علي دخولها، ثوب أبيض جميل أخرجته من خزانتها، انبهاري به جعلني أصرخ:

- ما أجمله، كثوب الأميرات.

ضحكت زوجة أبي وقالت:

- نعم، لقد صرت أميرة أنه لك.

فرحتي بالثوب لم تنسيني جمال ابتسامتها وضحكتها، ما أجمل نجاحي، تغير فيه كل شيء، حتى قلب زوجة أبي، نسيت لحظتها، كل معاملتها القاسية، منذ دخولها منزلنا، بعد وفاة أمي منذ سنوات، ارتديت الثوب، ووقفت أمام المرآة، ما أروعه، لبرهة سألت نفسي: شهادة الابتدائية وفعلت فعلها، الاعدادية ماذا ستفعل أيضا.

فرحة غامرة وهي تفك لي ضفيرتي الذهبية، وتنثر شعري الطويل على كتفي، 

كحل أيضا في عيني، وأحمر شفاه، كم أنا سعيدة بالتأكيد أحلم، لكن لا لقد كبرت، نعم نجاحي في الابتدائية، جعلني كبيرة في نظر زوجة أبي، انتهت من تجهيزي، وخرجنا إلى الصالة، جلت بنظري بين الموجودين أبحث عن أبي، لأرى فرحته بي في عينيه، كان منشغلا بالحديث مع رجل مسن بجانبه، نعم أنه بائع الحمام، تذكرته، محله بجانب مدرستي، طالما رأيته يقص أجنحة الحمامات ثم يزجها في قفص قبل أن يبيعها، ناداني أبي نظرت في عينيه، وقلبي يخفق من شدة الفرحة، لكنه أشاح نظره عني ليفسح لي بينه وبين الرجل وما أن جلست، حتى أمسك الرجل بيدي وضغط عليها، حينها نظرت إلى يده الأخرى لأرى إن كان فيها مقصا أو لا.

فضيلة الشاوي