الأحد، 26 يونيو 2022

Hiamemaloha

عازف الناي للشاعر الحسين صبري

 عازف النَّاي 

بقلم ااشاعر الحسين صبري

هنا في هذا المكان تكثر التأملات، أراقب المارة، السيارات، بقايا الأشجار وأعوادها اليابِسة وبعض من النخيل الباسقات مازلت صامدة تبكي بِخجل من أجل جغمة ماء، (أضواء) المحال التجارية، سيارات الأسعاف، ودوماً عيناي على تلك اللافتة التى تتغير كل أسبوع، لافتة للإعلانات التجارية مدفوعة الثمن أحياناً إعلانات مُلهمة تعطيك دافع بأن تكتب وأحياناً مجرد خربشات لا أفهم منها شيئاً......


وقفت سيارة أمامي مملؤة بالأطفال تعج بالصغار، عدد الركاب أكثر بكثير مما مُدون في كتيب السيارة  فلم يعد رجال شرطة المرور يخالفون أحد من بعد العشر العجاف، نزل الأب وقصد محل للمواد الغدائية وصار الأطفال يفتحون ويغلقون أبواب السيارة بكل قوة، صراع ومشاجرة وصارت السيارة كحلبة مصارعة، أرى أحدهم ماسكاً إصبعه ويبكى يتألم بشدة ومزالت الأبواب تُغلق وتُفتح بكل قوة، نزل أحد الأطفال وأعتقد بأنه أكبرهم سناً في يده مِزمار طويل يشبه مزمار (بِيتر) صار يعزف ويحرك أصابعه وكأني أرى (آنا بافلوفا ) ترقص على خشبة مسرح (محمد على) حتى أتى والده وآخذ منه الناي نظر لي ووضع الناي على ركبته وكسره إلى نصفين بعد أن ضرب ابنه جلدةً على ضهره، صعدَ الطفل المسكين إلى السيارة يبكي ويتألم ولا يعرف كيف يفرك ظهره، نظرت إلى السماء ولم أتفوه بكلمة كان الصمت رفيقي ليس صمتاً من ذلك الجاهل ولكن حينما نظرت إلى السماء وكأنما أراها للمرة الأولى، سماء زرقاء صافية جداً، مَـرَّ سرب من الطيور المهاجرة ووددت أن أكون إحداها، نظرت من جديد إلى عازف الناي وإذ به ينظر من خلال نافذة السيارة المغلق إلى سرب الطيور نفسه وكأن عيناه تقول آه لو أكون مثل(نيلز) وأرحل معها بعيداً.......


وزعَ الأب المثلجات على الأطفال ولم يُعطي للطفل المُلحن قطعة وضرب الطفل الآخر صاحب الإصبع المُتورمة وغادر المكان مسرعاً، أكاد أجزم أن ذلك الطفل لن يعزف مرة أخرى ولن يمسك ناياً ماتبقى من حياته بل حِين يكبر سيصبح تاجر مخدرات أما ذاك صاحب الإصبع سيصبَّ جَامَ غَضبِه على من أغلق عليه الباب، رأيت في عيون ذاك الطفل نظرة لم أفهمها أبداً كنظرة (هولك الخارق)، رفعت يداي للسماء الزرقاء ودعوت الله أن يحفظه ويهدي والده.......


في بعض التأملات ينتابك القلق والخوف الشديد......

وصف ماركوس أوريليوس الزمن بأنه (نهر من الأحداث العابرة) ولكن تلك النقطة الزمنية قد تطول، لا أعرف أين يصب ذلك النهر بالرغم من معرفتي من أين ينبع......


الحاضر فور وقوعه يصبح ماضياً واليوم سرعان ما يتحول إلى أمس، نتذكر دائماً الماضي ونقول عنه بأنه جميل فقبل أن يكون ماضي كان حاضر ولم يكن جميل، الشئ الوحيد الذي أنا متأكد منه أن الأيام في الماضي كانت أطول، في هذا الحاضر واليوم بالتحديد  مَـرَّ في رمشة عين، هل سيذهب الأب إلى المستشفى لمداواة إصبع ابنه وهل عازف الناي سينال في البيت عقاب آخر

، قد لا يحدث شئ وقد نسمع ناي آخر يعزف ولطالما سمعناه ألآ وهو ناي الحياة المبحوح........


#الحسين

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :