الحقيقة والسراب للكاتبة نادية التومي

 .

الحقيقة والسراب 

 

التأمل في كأس بلوري شطره ممتلأ وشطره فارغ مع العلم انك قمت بتعبئته كاملا،  فأين ذهب بقية الماء؟ من افرغه؟ 

الكاس يعبر ويقول: 

أنا الحياة يوم أكون بالكامل ممتلأ ويوم أكون نصف كأس، ويوم اخر أكون فارغ تمام.

سالته كيف يكون ذلك وأنت مجرد كأس، ولماذا مثلت نفسك بالحياة؟

قال: 

الكاس هو بلور هو مرآة شفافة تظهر ما بداخلها من اشياء إن كان المشروب صاف أو ملوث، إن كان هو مشطر أو فارغ، ان الحياة مثل ذلك الكأس، يوم تعج بالاحداث، ويوم لا جديد يعاد ولا قديم إلا الروتين، يوم فرح ويوم حزن، يوم عصبية ويوم مزاج جيد، يوم يكون مغيم ويوم مشرق الشمس بازغة تبهج القلوب، اليست الحياة مثل الكاس شفافة ومرئية تكشف كل شيء؟.

نعم نعيش في الحياة نشرب من مائها العذب حلو المذاق ، ويوم نتذوق المرارة والعلقم، هي ازدواجية الحياة، بين ما هو حقيقي و ماهو سراب، مثل وجودنا فنحن نعيش بين هذين النقضين، ممكن ان نعيش حياتنا كلها بطولها وعرضها ونفتكر أننا عشنا دهرا من أجمل الايام ولكن في لحظة نستيقظ على حقيقة مرة أننا كل ما عشناه كان سراب وليس حقيقي، نتفاجئ مما اكتشفناه وكيف مر الزمن وأخذ من وقتنا ولم نتفطن أننا نعيش في السراب والخيال، هما خيطين مرتفعين يرتبط بعضهما ببعض لأنه لا يمكن ان تعيش الحقيقة بدون المرور عبر السراب، لأنه سيعلمك هذا الأخير كيف تستفيق وتنهض وتبدأ من جديد ولكن في كل هذا يجب ان تكون لك ثقة بنفسك وان تعرف ان تخرج بسرعة من دائرة السراب للا تتوه وتبقى تعيش في عالم الخيال.

الكاس جعل لنشرب منه ماء حلو المذاق أو أي مشروب ينعش الجسم العطشان وفي بعض الأحيان يكون المذاق دهاق، مر، ولكن نحن يجب ان نعرف كيف نحلي ذلك المشروب بإضافة العسل أو السكر ليعطي مذاق احلى، هكذا هي الحياة يجب ان نضيف لها دائما مذاق لها كالابتسامة والكلام الحلو والتجديد وفي كل مرة نقف قليلا ونعمل وقفة تأمل ومراجعة لما مررنا به لنعرف أين نحن وهل نحن في المسار الصحيح وهل نعيش في الحقيقة أم في السراب؟.

بقلم ا. نادية التومي