السبت، 13 يناير 2024

Hiamemaloha

نظرية الصدق للدكتور محمد خليل المياحي

 نَظَرِيَّةُ الصِّدْقِ

        نَظَرِيَّةٌ جَدِيْدَةٌ بِسِيَاقٍ أَدَبِيٍّ فَلْسَفِيٍّ  

        مُتَنَاظِرٍ مُحِيْطٍ مُؤْتَلِفٍ مُخْتَلِفٍ فِيْهِ 

            الدَّلِيْلُ الْبَادِئُ الْمُفْتَتِحُ.


       بِرُؤْيَتِي وَٱسْتِنْبَاطِي وَقَلَمِي وَتَأْلِيْفِي 

       د . مُحَمَّدٌ خَلِيْلُ الْمَيَّاحِي /  الْعِرَاقُ

Dr _ Mohammad  Kaleel  AL _ Mayyahi /  Iraq

          فَيْلَسُوْفٌ  بَاحِثٌ  شَاعِرٌ   أَدَيْبٌ

       سَفِيْرٌ عَالَمِيٌ  لِلثَّقَافَةِ وَالْعِلْمِ وَالسَّلَامِ

 عُضُو الِٱتِّحَادِ الْعَامِّ لِلْأُدَبَاءِ وَالْكُتَّابِ فِي الْعِرَاقِ

جُمَادَى الْأُوْلَى  1445  هِجْرِيَّة  

كَانُوْنُ الْأَوَّلِ    2023  مِيْلَادِيَّة


بُنُوْدُ النَّظَرِيَّةِ :

1. غَايَةُ النَّظَرِيَّةِ :

    ٱطْلَاقُ تَسْمِيةٍ جَدِيْدَةٍ هِيَ ( جَذْرُ الصِّدْقِ )

    عَلَى حَقِيْقَةِ وُجُوْدِ الْخَالِقِ هُوَ اللهُ وَغَايَتِهِ

    مِن قِبَلِي لَمْ  يَسْبُقْنِي بِهَا  أَحَدٌ  ،  مَعَ  ذِكْرِ 

     بَيَانِهِ  وَذِكْرِ  بَيَانِ  جَوْهَرِ الصِّدْقِ  وَمَعْنَاهُ 

     وَتَأْثِيْرِهِ  الْمَعْنَوِيِّ  وَالْمَادِّيِّ  وَالْحَرَكِي  فِي 

     الْكَوْنِ وَالْوُجُوْدِ  وَالْحَيَاةِ  كَأَصْلٍ  وَوُجُوْدٍ 

     وَغَايَةٍ  وَأَسَاسٍ  وَخَلْقٍ   وَفِعْلٍ   وَحَركَةٍ 

     وَنَتَائِجَ   وَنَوَاتِجَ ، مَعَ  إِضَافَةِ  دَلِيْلٍ قَاطِعٍ

     آخَرَ عَلَى حَقِيْقَةِ وُجُوْدِ الْخَالِقِ اللَّهِ بِسِيَاقٍ

     أَدَبِيٍّ فَلْسَفِيٍّ  مُتَنَاظرٍ.


2 . فَحْوَى وَنَصُّ النَّظَرِيَّةِ  :

     لَقَدْ أَطْلَقْتُ تَسْمِيَةَ ( جَذْرِ الصِّدْقِ ) عَلَى

     حَقِيْقَةِ  وُجُوْدِ اللهِ وَغَايَتِهِ ٱسْتِنَبَاطًا مِنْ

     رُؤْيَتِي وَفَهْمِي لِلْعِلَاقَةِ الْوُجُوْدِيَّةِ بَيْنَ 

     وُجُوْدِ الْخَالِقِ الَوَاحِدِ الْأَحَدِ وَوُجُوْدِ خَلْقِهِ

     غَيْبًا وَوَاقِعًا وَحُضُوْرًا بِالِآعْتِمَادِ عَلَى

     أَصْل فِعْل الْمُسَبِّبِ وَالْعِلَاقَةِ وَالسَّبَبِ ، 

     وَذٰلِكَ لِتَعْيِيْنِ وتَحْدِيْدِ الْبِدَايَةِ الْأَزَلِيَّةِ 

     لِلصِّدْقِ وَفِعْلِهِ ، وَلِتَأْكِيْدِ حَقِّ أَصْلِ وَفِعْلِ

     الصِّدْقِ ، وَلِتَأْمِيْنِ التَّطَابُقِ بَيْنَ مَعْنَى 

     وَحَقِيْقَةِ الصِّدْقِ مَعَ فِعْل وَحَرَكَةِ وَاقِعِ 

     الْكَوْنِ وَالْوُجُوْدِ وَالْحَيَاةِ بِكُلِّ أَنْظِمَتِهِ ، 

     وَلِتَعْظِيْمِ حَقِيْقَةِ وُجُوْدِ الْخَالِقِ ، وَلِلْطْمِ

     الْمُلْحِدِيْنَ عَلَى أَبْصَارِهِمْ لِيَزْدَادُوا عَمًى

     وَحُزْنًا وَخَيْبَةً وَخُسْرَانًا ، عِلْمًا أَنَّ التَّسْمِيَةَ

     جَدِيْدَةٌ  لَمْ  يَسْبُقْنِي  بِهَا أَحَدٌ غَيْرِي .

     فَاللهُ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ لَيْسَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ

     شَيْءٌ  بِلَا  زَمَنٍ  لِذَاتِهِ  وَوُجُوْدِهِ ، وَهُوَ

     الْخَالِقُ خَلْقَهُ وُجُوْدًا وَحَيَاةً سَوَاءَ كَانَ

     هٰذَا الْخَلْقُ غَائِبًا أَمْ ظَاهِرًا ، وَلَيْسَ لَهُ 

     شَرِيْكٌ فِيْهِ ، وَهُوَ الْمُحِيْطُ بِهِ وَالْحَاكِمُ

     الْمُسَيْطِرُعَلَيْهِ وَالْمَالِكُ لَهُ مُحْكِمُ التَّرْوِيْقِ

     ، وَهُوَالصَّادِقُ الدَّائِمُ بِوُجُوْدِهِ وَحُضُوْرِهِ

     فِيْ كُلِّ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ بِمَا فِيْهَا مِنْ

     ضَوْءٍ وَظَلَامٍ  وَشُغْلٍ وَفَرَاغٍ وَحَيٍّ وَجَمَادٍ 

     وَصَمْتٍ وَأَصْوَاتٍ وَحَرَكَةٍ وَسُكُوْنٍ ، وَهُوَ

     الْحَيُّ الْقَيُّوْمُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيْدُ ضَابِطُ التَّأْخِيْرِ

     وَالتَّسْبِيْقِ.

     فاَلصِّدْقُ صِدْقُ اللهِ فِيْ وُجُوْدِهِ وَقُدْرَتِهِ

     وَفِيْ خَلْقِهِ وَآيَاتِهِ وَمُعْجِزَاتِهِ وَإِعْجَازِهِ.

     مَا أَعْظَمَ الْخَالِقَ وأَكْمَلَ الْمَخْلُوْقَ ! عَنِ

     الْحِكْمَةِ وَالْمَشِيْئَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالتَّفْرِيْقِ.

     وَالصِّدْقُ رَدِيْفُ الْحَقِّ يُلَازِمُهُ لَا يَنْفَكُّ

     عَنْهُ وَهُمَا أَصْلُ غَايَةِ الْخَلْقِ وَالتَّحَكُّمِ بِهِ

     ، وَبِسَبَبِهِمَا وَلَهُمَا شاءَ اللهُ سُبْحَانَهُ

     إِيْجَادَ خَلْقِهِ فَخَلَقَهُ تَأْكِيْدًا وَإِثْبَاتًا لِحَقِيْقَةِ

     صِدْقِ وُجُوْدِهِ ، فَمَا أَحَقَّ وَأَشْمَلَ وَأَبْلَغَ

     الْغَايَةَ وَالْأَسْبَابَ وَالتَّحْقِيْقَ بَيْنَ الْأَصْلِ

     وَالتَّخٔلِيْقِ .

     وَالصِّدْقُ صِدْقُ الْكَوْنِ فِيْ أَنْظِمَتِه 

     وَتَكْوِيْنِهِ وَسَعَتِهِ وَحَجْمِهِ وَأَبْعَادِهِ 

     وَسَمَاوَاتِهِ وَفِيْ طَاقَاتِهِ وَجَاذِبِيَاتِهِ

     وَحَرَكَاتِهِ وَدَوَرَانِهِ وَمَدَارَاتِهِ وَفِيْ

     مَجَرَّاتِهِ وَنُجُوْمِهِ وَأَقْمَارِهِ وَفِيْ حَيَاتِهِ

     وَجَمَادِهِ وَفِيْ  كُلِّ مَا يَضُمُّ تَكَامُلًا

     وَتَوَازُنًا وَضَبْطًا مَعَ التَّوْسِيْعِ وَالتَّنْسِيْقِ.

     وَالصِّدْقُ صِدْقُ الْحَيَاةِ فِيْ طَبِيْعَتِهَا 

     وَأَنْظِمَتِهَا وَبِيْئَتِهَا وَمَظَاهِرِهَا وَظَوَاهِرِهَا

     وَفِيْ سَمَائِهَا وَضِيَائِهَا وَدَيْجُوْرِهَا وَفِيْ 

     أَرْضِهَا وَهَوَائِهَا وَمَائِهَا وَنُوْرِهَا وَفِيْ

     نَبَاتِهَا وَأَحْيَائِهَا وَأَمْوَاتِهَا وَجَمَادَاتِهَا وَفِيْ 

     عَيْشِهَا وَسَعْيِهَا وَنِعَمِهَا وَخَيْرَاتِهَا 

     وَأَرْزَاقِهَا وَفِيْ وَاقِعِهَا وَتَفَاعُلَاتِهَا 

     وَتَغيُّرَاتِهَا وَحَوَادِثِهَا وَفِيْ تَوَافُقِهَا

     وَتَضَادِّهَا وَٱخْتِلَافِهَا وَتَشَابُهِهَا وَتَوَازُنِهَا 

     وَٱخْتِلَالِهَا وَتَكَامُلِهَا وَتَنَاقُصِهَا وَفِيْ

     إِحْيَائِهَا وَإِمَاتَتِهَا وَفِي مَوْتِهَا وَفَنَائِهَا 

     وَفِيْ مَا  لَهَا مِنَ التَّدْبِيْرِوَالدَّعْمِ وَالتَّفٔعِيْلِ

     وَالتَّعْوِيْقِ. 

     وَمَعَ هٰذَا كلِّهِ وَأَمَامَ عَظَمَةِ الْحَقِيْقَةِ 

     الْإلٰهِيَّةِ وَقُدْرَتِهَا وَمَا آنْبَثَقَ مِنْهَا مِنْ

     حَقَائِقِ الْوُجُوْدِ وَالْحَيَاةِ وَحَرَكَتِهِمَا يَكْذِبُ

     الْكَاذِبُوْنَ وَيَفْتَرِي الْمُفْتَرُوْنَ وَيَكْفُرُ

     الْكَافِرُوْنَ وَيَظْلِمُ الظَّالِمُوْنَ وَيُجْرِمُ 

     الْمُجْرِمُوْنَ وَيَسْرِقُ السَّارِقُوْنَ وَيُخرِّبُ

     الْمُخَرِّبُوْنَ وَيُفْسِدُ الْمُفْسِدُوْنَ وَيَحْتَالُ 

     الْمُحْتَالُوْنَ وَيُزَوِّرُ الْمُزَوِّرُوْنَ ، فَمَا 

     جَزَاؤُهُمْ وَأَيْنَ مَوْقِعُهُمْ هٰؤُلَاءِ السَّفِلَةُ 

     السُّقَّاطُ الْمُنْحَطُّوْنَ ؟ أَلَيْسَ عَارُالْحَيَاةِ 

     الدُّنْيَا وَنَارُهَا فِيْ دَوَّامَةِ شَقَائِهَا وَفِرَاقِهَا 

     ، وَعَارُ وَنَارُ جَهَنَّمَ فِي الْحَيَاةِ الْآخِرَةِ هُمْ

     فِيْهَا بَاقُوْنَ مُعَذَّبُوْنَ بِالْحَرْقِ وَالتَّطْوِيْقِ.

     وَالصِّدْقُ مِعْيَارُ النَّوَايَا وَالْغَايَاتِ

     وَالْأَهَدَافِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَالسَّعْيِ

     وَالْأَعْمَالِ وَالْإِنْجَاحِ  وَالْإِخْلَاصِ

     وَالتَّوْفِيْقِ ، وَمِعْيَارُالْإِيْمَانِ وَالْعِبَادَةِ 

     وَالتَّوْبَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالرَّشَادِ وَالصَّلَاحِ

     وَالِٱتِّقَاءِ وَالتَّصْدِيْقِ.

     وَالصِّدْقُ طَرِيْقُ الْفَوْزِ وَالْحِمَايَةِ وَالنَّجَاةِ 

     إِلَّا ٱسْتِثْنَاءً وَٱضْطِرَارًا أَنْ لَا يُسَاقَ

     الصِّدْقُ لِصَالِحِ الظُّلْمِ وَالشَّرِّ وَالْبَاطِلِ

     وَالْإِجْرَامِ وَالْجُنَاةِ وَالْبُغَاةِ والْعُدَاةِ لِلْمُرُوْرِ

     بِالتَّطْرِيْقِ.

     وَالصِّدْقُ دَالٌّ عَلَى صِدْقِ النَّفْسِ وَالْقَلْبِ

     وَالْعَقْلِ وَالضَّمِيْرِوَاللِّسَانِ طَوْعًا وَٱقْتِنَاعًا

     أَوْ خَوْفًا وَإِجْبَارًا ، وَدَالٌّ عَلَى الْخَيْرِ 

     وَالْحُّبِ وَالصَّفَاءِ  وَعَلَى الْعَدْلِ

     وَالشَّجَاعَةِ وَالْإِبَاءِ وَعَلَى الْحُسْنِ 

     وَالْكَرَامَةِ وَالسَّلَامَةِ وَالسَّنَاءِ ، فَهُوَ

     الْمُقَوِّمُ الْمُصَوِّبُ لَهَا بِالْحَقِّ وَالْإِيْمَانِ

     وَالْعَقِيْدَةِ وَالْقَضَاءِ فِي الصَّرْفِ وَالتَّطْبِيْقِ. 

     يَا أَيُّهَا النَّاسُ ٱصْدُقُوا مَعَ اللهِ وَلَهُ لِأَنَّهُ 

     خَلَقَكُمْ وَكَرَّمَكُمْ وَرَفَعَكُمْ وَحَسَّنَ وَجَمَّلَ

     أَجْسَامَكُمٔ وَجَمَاجِمَكُمُ وَصُوَرَكُمْ بِالشَّكْلِ

     وَاللَّوْنِ وَالْحَجْمِ  وَالْقَسَامَةِ وَالِٱعْتِدَالِ 

     وُالْفُرُوْهَةِ والْبَهَارِ وَالْجَمَالِ وَالْبَهَاءِ ، 

     وَمَكَّنَكُمْ وَوَسَّعَكُمْ بِالْعَقْلِ وَالنَّفْسِ وَالرُّوْحِ

     وَالْفُؤَادِ وَالْبَصَائِرِ وَالْحُبِّ وَالشُّعُوْرِ

     وَالْمَشَاعِرِ وَبِالْقُوَّةِ وَالتَّطَلُّعِ وَالْأَمَلِ 

     وَالسَّعْيِ  وَالْعَمَلِ وَالْعِلْمِ وَالتَّعَلُّمِ وَالتَّفَكُّرِ 

     وَالتَّدَبُّرِ  وَالْبُلُوْغِ وَالْعَلَاءِ ، وَشَاءَ لَكُمْ 

     الْحَيَاةَ وَالْمُوْتَ وَالْخُلُوْدَ فَصَدَقَكُمْ وَعْدَهُ

     وَسَبِيْلَهُ ، وَرَحِمَكُمْ وَحَفِظَكُمْ وَرَعَاكُمْ ،

     وَٱصْدُقُوا مَعَ الْحَيَاةِ لِأَنَّهَا وَهَبَتْكُمْ حَيَاتَكُمْ 

     وَنِعَمَهَا وَسُبُلَ عَيْشِكُمْ وَسَعْيِكُمْ وَعَمَلِكُمْ ،

     وَٱصْدُقُوا مَعَ غَيْرِكُمْ مِنْ قُلُوْبِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ

     وَعُقُوْلِكُمْ وَضَمَائِرِكُمْ كَمَا تَرْجُوْنَ صِدْقَهُمْ 

     لِيَسْتَوِيَ الْعَيْشُ وَالْكَدُّ وَالدَّأْبُ وَالرَّجَاءُ

     وَيَعْتَدِلَ التَّعَامُلُ وَالتَّبَادُلُ بِالْمُقَابِلِ  لِلْعَدْلِ

     وَالْمُسَاوَاةِ وَالنُّجْحِ وَالتَّوْفِيْقِ. 

     فَمَا وَجَدْتُهُ فِيْ حَرَكَةِ حَيَاةِ أَكْثَرِالنَّاسِ أَنَّ

     الصِّدْقَ وَالْكِذْبَ يَتَحَكَّمَانِ فِيْ تَعْيِيْنِ 

     وَتَحْدِيْدِ وَتَوْجِيْهِ نَوَايَاهُمْ  وُسُلُوْكِهِمْ 

     وَمَقَاصِدِهِمْ وَسَعْيِهم وَعَمَلِهِمْ وَنَوَاتِجِهِمْ 

     دَاخِلَ بُيُوْتِهِمْ وَأُسَرِهِمْ وَمَجْتَمَعَاتِهِم وَفْقَ

     مَبَادِئِهِمْ وَصِفَاتِهِمْ وَمَصَالِحِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ 

     وَظُرُوْفِهِمْ ،  فَلِمَاذَا وَعَنْ مَاذَا ؟! لِأَنَّهُ

     هٰكَذَا هُوَ وَاقِعِ حَيَاتِهِمْ حَسْبَ الْمُؤَثِّرَاتِ

     وَالتَّأْثِيْرَاتِ الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ الْمُلَازِمَةِ

     لَهُمْ فِيْ مُوَاجَهَةِ حَيَاتِهِمْ ، وَلِأَنَّ الْكِذْبَ

     يُظْهِرُغِطَاءَهُ الْمُتَلَوِّنَ الْمُزَيَّفَ الْخَادِعَ

     الْمُخَادِعَ وَيُخْفِي جَوْهَرَهُ الْفَاسِدَ الْقَبِيْحَ

     النَّاتِجَ عَنِ التَّنَاقُضِ وَالتَّنَافُسِ وَالتَّضَادِ

     وَالْعَدَاءِ وَالنِّزَاعِ وَالصِّرَاعِ وَالِٱسْتِئْثَارِ

     بِالْمَصَالِحِ وَالرَّغَبَاتِ الْمُنْحَرِفَةِ عَنِ

     السَّوَاءِ وَالِآسْتِوَاءِ وَالتَّسْوِيْقِ . 

     وَمِنَ الْكِذْبِ مَا أُسَمِّيْهِ كِذْبَ الِٱسْتِحْيَاءِ

     يَتَدَاوَلُهُ  النَّاسُ لِفَرْضِ السِّتْرِ وَالْحَيَاءِ

     وَالنَّظَافَةِ وَالْكَرَامَةِ وَالشَّرَفِ عَلَى 

     شُؤُوْنِهِمِ الْغَرِيْزِيَّةِ وَالشَّخْصِيَّةِ الذَّاتِيَّةِ 

     الْبَحَتَةِ تِجَاهَ الْآخَرِيْنَ ، لِذَا فَأَنَّهُ مِنَ

     الضَّرُوْرَاتِ الْمُبَاحَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيْهَا مِنَ 

     السُّوْءِ وَالضَّرَرِ إِذَا ٱنْحَسَرَتْ ضِمْنَ 

     غَايَاتِهَا الشَّرِيْفَةِ مَحْسُوبَةً عَلَى عِزَّةِ 

     وَعِفَّةِ التَّنْمِيْقِِ .

     وَالصِّدقُ يَصْدُقُ صِدْقَهُ وَتُثْبِتُهُ الْوَقَائِعُ 

     وَالْأَحْوَالُ وَالْأَيَّامُ وَإِنْ زَيَّفَتْهُ الظُّنُوْنُ

     وَالْجَهَالَةُ وَالْخُصُوْمَةُ وَالْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ

     وَالْأَفْمَامُ وَكَذَّبَتْهُ الْعُقُوْلُ وَالْأَبْصَارُ

     وَالْأَوْهَامُ عَنِ التَّجْوِيْقِ .

     وَالْكِذْبُ يُكْذِبُ كِذْبَهُ وَتَكْشِفُهُ النَّتَائِجُ

     وَالسَّاعَاتُ وَالْأَحْدَاثُ وَالْأَعْوَامُ  وَإِنْ

     زَوَّقَتْهُ وَلَفَّتْهُ الْأَلْسُنُ وَالْأَحَادِيْثُ وَالْأَخْبَارُ

     وَالْأَقْلَامُ وَصَدَّقَتْهُ الْمَسَامِعُ وَالْخَوَاطِرُ

     وَالضَّمَائِرُ وَالْأَلْبَابُ وَالْأَحْلَامُ مَعَ 

     التَّصْفِيْقِ .

     وَالصِّدْقُ أَصْلٌ أَصِيْلٌ ثَابِتٌ فِي الْخَلْقِ

     وَالْخَلِيْقَةِ وَالطَّبِيْعَةِ وَالْوُجُوْدِ بِالتَّعْمِيْقِ .

     وَالْكِذْبُ طَارِئٌ دَخِيْلٌ مُتَغَيِّرٌ يُلَازِمُ 

     الْمَصَالِحَ وَالِٱحْتِكَارَ وَالِٱسْتِغْلَالَ وَالْفَسَادَ

     وَالنِّزَاعَ وَالصِّرَاعَ وَالتَّسَتُّرَوَالْخِيَانَةَ

     وَالنِّفَاقَ وَالتَّخَلُّفَ وَالظُّلْمَ وَالْخَوْفَ

     وَالِٱنْحِطَاطَ وَالْغُمُوْضَ وَالْقُيُوْدَ وَمَا فِي

     التَّضْيِيْقِ .

     وَالصِّدْقُ بَنَّاءٌ شَدِيْدٌ لَمْ يَضِمْ .

     وَالْكْذْبُ هَدَّامٌ أَثِيْمٌ لمْ يُقِم وَإِنْ أَقَامَ لَمْ يَدُمْ

     حَسْبَ مَعَايِيْرِ الٔبِنَاءِ وَالتُّرَاثِ وَالْأَمَانَةِ

     وَالْقِيَمِ.

     وَالصِّدْقُ لَهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ لَا يَقْبَلُ الْأَقْنِعَةَ

     وَالتَّغْيِيْرَ وَالتَّبْدِيْلَ بِالتَّغْلِيْقِ . 

     وَالْكِذْبُ لَهُ أَوْجُهٌ عَدِيْدَةٌ  يُدَاخِلُهُ

     التَّلْوِيْنُ وَالتَّزْيِيْفُ وَالْحِيْلَةِ وَالِآحْتِيَالُ 

     وَالتَّهْوِيْلُ وَالتَّزْوِيْقِ مَعَ التَّبْوِيْقِ .

     وَالصِّدْقُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ أَفْضَلِ وَأَكْرَمِ

     الصِّفَاتِ الَّتِي تُوَافِقُ مَكَانَةَ خَلْقِهِ ، فَهُوَ

     الْأَسَاسُ الْمُؤَسِّسُ صِفَاتَهُ وَسِمَاتَهُ وَقِيَمَهُ 

     السَّامِيَةَ الشَّرِيْفَةَ ، وَهُوَ الْبَانِي الدَّاعِمُ

     وَالضَّامِنُ لَهَا ، وَمَعَ الْإِيْمَانِ وَالْإِخْلَاصِ

     وَالْعَدْلِ وَالصَّلَاحِ يُنَصِّبُ الْأَمَلَ الْآمِنَ

     الْأَمِيْنَ الْمُدِيْمَ قَنَاعَةَ الْأَمْنِ وَالْخَلَاصِ فِي

     الْحَيَاةِ نَحْوَ الْخُلُوْدِ وَالتَّشْوِيْقِ ، 

     كَمَا هُوَ أَسَاسُ وَمُؤَسِّسُ الْعَدْلِ

     وَالْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْمُسَاوَاةِ وَالْكَرَامَةِ

     الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْبِنَاءِ وَالنَّجَاحِ وَالتَّطَوُّرِ

     وَالتَّقَدُّمِ وَالِٱرْتِقَاءِ وَالِٱزْدِهَارِ بِالتّعْشِيْقِ .

     وَالْكِذْبُ يُوَلِّدُ الصِّفَاتِ الْإِنْسَانِيَّةَ السَّيِّئَةَ 

     وَيُنَمِّيْهَا  وَيَزِيْدُهَا  سُوْءًا وَخَرَابًا

     بَالتَّمْحِيْقِ .

     وَالصِّدْقُ بالْإِجْمَالِ بِنَاءٌ مَعْنَوِيٌّ مَادِّيٌّ

     مُتَحَرِّكٌ دَوَّارٌ ، فَهُوُ النُّوْرُ قَادِحُ الْأَنْوَارِ ، 

     وَكَاشِفُ الْأَلْبَابِ وَالْأَسْرَارِ وَالْأَسْتَارِ، 

     وَمُزَكِّي الْهَوَى وَالسَّرَائِرِ وَالْأَفْكَارِ بَيْنَ

     الْحَقِّ  وَالْأَحْوَالِ وَالْمَطْلُوْبِ وَالْأَقْدَارِ،

     وَمُصْلِحُ الْعُقُوْلِ وَالنُّفُوْسِ وَالْحَيَاةِ 

     وَالْأَعْمَارِ ، وَسَائِقٌ يَسُوْقُ الْكَوْنَ وَمَا 

     حَوَى ، وَيَسُوْقُ الضَّوْءَ وَالظُّلْمَةَ وَاللَّيْلَ

     وَالنَّهَارَ وَالزَّمَانَ وَالْمَدَى ،  وَالْحَيَاةَ 

     وَالْوِلَادَةَ وَالرَّدَى ، وَالرِّيْحَ وَالْهَوَاءَ 

     وَالْسَّحَابَ وَالصَّوَاعِقَ والسَّنَا ، وَالْوَدْقَ 

     وَالْإِنْبَاتَ وَالنَّمَاءَ وَالْحَيَا ، وَالنَّبْتَ 

     وَالْحَيَوَانَ وَالْأَحْيَاءَ وَالْوَرَى ، وَالْمَاءَ فِي

     الْفَضَاءِ وَالْعُيُوْنِ وَالْجِبَالِ وَالْوِدْيَانِ 

     وَالْوَاحَاتِ وَالْأَبْحُرِ وَالْأَنْهُرِ وَالْفَيَافِي

     وَالرَّوَابِي والْفَلَا بِالْجَرْيِ وَالتَّهْرِيْقِ ، 

     وَيَسُوْقُ كَلَّ أَمْرٍ وَشَيْءٍ يُجْرِيْهِ بِالْمُقْدَارِ

     عَنْ قُدْرَةِ الْمَشِيْئَةِ لِلْخَالِقِ الْأَوْحَدِ

     وَالْمُبْدِعِ الْجَبَّارِ.

     فَمَا أَحَكَمَ الصِّدْقَ وَأَعْظَمَ سَوْقَهُ وَبِنَاءَهُ 

     وَمَا أَوْفَرَ زَرْعَهُ وَحَصَادَهُ ، وَمَا أَرْفَعَ 

     وَأَشْرَفَ مُرَادَهُ وَجَزَاءَهُ ، فَهَلْ لَنَا مِنْ

     تَبْرِيْرٍ أَوْ أَعْذَارٍ ؟ كَلَّا فَإِنَّ الصِّدْقَ خَلْقٌ

     لِلْوُجُوْدِ وَالْحَيَاةِ جَذْرُهُ اللهُ هُوَ الْحَقُّ ،

     فَقَطْعًا لَا يَجُوْزُ  الشَّكُّ فِيْهِ لَا بَجُوْزُ أَنْ 

     يُنَارَ أَوْ يُثَارَ .

    

3 . دَلَائِلُ الْإِثْبَاتِ :

     أ. الدَّلِيْلُ عَلَى صَحَّةِ تَسْمِيَةِ أَنَّ  جَذْرَ

        الصِّدْقِ هُوَ حَقِيْقَةُ وُجُوْدِ اللهِ  يَكْمُنُ فِي

        أَنَّ خَلْقَ الْكَوْنِ وَالْوُجُوْدِ وَالْحَيَاةِ  قَدْ تَمَّ

        عَنْ حَتْمِيَّةِ صِدْقِ وُجُوْدِ الْخَالِقِ لَهَا 

         وَفِعْلِهِ الْمُتَفَرِّدِ بِمَشِيْئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فِي

         وَضْعِ الْأَصْلِ وَالْأَسَاسِ وَالْمُسَبِّبِ 

         وَالسَّبَبِ عَنْ غَيْبِهِ وَأَزَلِهِ ، فَنَفَّذَ خَلْقَهُ 

         جَرَّاءَ حِكْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَتَدْبِيْرِهِ ، لِذَا 

         فَإِنَّ الْخَلْقَ لَا يُمْكِنُ وَلَا يَصِحُّ لََهَ جَزْمًا 

         خَلْقَ وُجُوْدِهِ بِذَاتِهِ مِنَ لَّا شَيْءٍ وَمِنَ

         الْعَدَمِ ، إِذَنْ فَإِنَّ جَذْرَالصِّدْقِ هُوَ حَقِيْقَةُ 

         وَجُوْدِ اللهِ فَهُوَ الْبَادِئُ الْمُوْجِدُ

         الْأَزَلِيُّ الْأَبَدِيُّ بِلَا رَيْبٍ وَلَا إِنْكَارٍ.

     ب. وَاقِعُ حَرَكَةِ الْكَوْنِ وَالْوُجُوْدِ وَالْحَيَاةِ 

          بِكُّلِّ أَنْظِمَتِهِ وَضَبْطِهِ وَالتَّحَكُّمِ بِهِ 

          وَالسَّيْطَرَةِ عَلَيْهِ وَإِدَامَةِ دَيْمُوْمَتِهِ لَا 

          يَصِيْرُ وَلَا يَكُوْنُ وَيَحْدُثُ إِلَّا مِنْ فِعْلِ

          صِدْقِ هٰذَا الْوَاقِعِ عَنْ صِدْقِ وُجُوْدِ 

          وَفِعْلِ الْمُنْشِئِ الْفَاعِلُ الْمُحَرِّكُ لَهُ هُوَ

          الْخَالِقُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَلَّتْ

          قُدْرَتُهُ وَتَعَالَتْ فَوْقَ الْعَقْلِ وَالْفِكْرِ

          وَالْعِلْمِ وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّبَصُّرِ وَالتَّدَبُّرِ

          وَالْخَيَالِ وَالصُّعُوْدِ وَالْإِبْهَارِ.

 

بِرُؤْيَتِي وَٱسْتِنْبَاطِي وَقَلَمِي وَتَأْلِيْفِي  

د .  مُحَمَّدٌ خَلِيْلُ الْمَيَّاحِي  /  الْعِرَاقُ

جُمَادَى الْأُوْلَى 1445 هِجْرِيّة 

كَانُوْنُ الْأَوَّلِ   2023 مِيْلَادِيَّة

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :