الصدِقُ في كَسبِ الحياةِ بقاءُ
محمد حسام الدين دويدري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ناحَتْ...!؟ ، أمِنْ خَطْبٍ بها وَرقاءُ =أم من جَوىً ثارت به الرمضاءُ
فَجَثَتْ تُلَملمُ في الحَياءِ جَنَاحَها=حيث السكون توسّلٌ ورجاءُ
ترنو إلى رحب السماء بمُقلةٍ=حَرَّى وقلبٍ هدّّّّهُ الإعياءُ
تشكو إلى الرحمن ما عصفت بها=كفُّ الزمان وهاجت الأنواءُ
فالريحُ تجتاح الحصادَ بدفقها=والبعض منّا خانه الإصغاءُ
يَمضي يُقَلِّبُ في الفيافي طرفَهُ=حتّى تمزّقَ طرْفَهُ الأرجاءُ
ما بالُه يرجو سراباً زائفاً=حتى تطيح برأسه الأهواءُ
النبع في أرض الشريعة سائغٌ=فيما الفيافي ما بها إنْداءُ
تنأى بها الذؤبان في حلك الدجى=عن كلّ ركبٍ يرتضيه بقاء
هذي فِجاجُ الأرضِ تفتحُ صدرها=مع أنّنا في رحبها غُرباءُ
تجتاحنا الأيام في تعدادها=لنظنّ أنَّا في الورى وُجَهَاءُ
نختال في طول البقاع وعرضها=تغوي رغائبََنا بها الأشياءُ
حتى يذوبَ زماننا في طرفةٍ=في ضيقها تتزاحم الأعباءُ
**=**
ياربّ ثبتنا إذا عصفَتْ بنا=كفّ الزمان وجفّت الأعضاءُ
وتقطّعت سبل الرجاء بصحبنا=حيث النواظر ما لهنّ ضياءُ
ما غير باب الله يطرقه الورى=فهو العظيم وكلنا بُسَطاءُ
مهما علا الإنسان مرجعه الثرى=في المنتأى كلّ الضلوع سواءُ
أوّاه يا ذات الجناح تجمّلي=بالصبر إنّا في البِِِلى رُفَقاءُ
كم ضاع في عمق الزمان على المدى=ذكر الملوك و خُلّدَ الفقراءُ
فعلامَ نسقي اليأس من حسراتنا=وتصول فينا الثورةُ الحمقاءُ
وعلى تراب الأرضِ غير مُخَلّدٍ=ضنكُ الزمانِ... ، ولا الرخاء سِقاءُ
وعلام يوهمنا العُلوج بعجزنا=وكأننا في عجزنا سجناءُ
نختار ممّا يُنتجون ثمارنا=طوعاً؛ ونزعم أنّنا أحياءُ
نستنزف الأعمار في لهوٍ يذيب=وجودنا فيصيبه الإقواءُ
اقرأ هُدى الرحمن واعمل جاهداً=بالعلم أفلح قبلنا النقباءُ
إذ وحّد العلم القلوب فأبصرت=سبل العزائم والحياةُ شقاءُ
فغدا تراب الأرض يُنبت جهدهمْ=خيراً يعيش بفيئه الأبناءُ
**=**
بي مثل ما ضار الحمائم أيها=القمر الذي كم أمَّه الشعراءُ
يبنون من صخر الحروف مساكباً=حتى تطيب بريحها البيداءُ
يرمون في زَبَدِ البحور شباكهم =حيث الحصادُ مواعظٌ وغناءُ
تلك البحور من الرحيق مياهُها =في شاطئيها أُبدِعَ الإنشاءُ
أعيت ذوي القدر الجليل شجونها=فإذا ازدهت فالجنّة العصماءُ
تُسْلي طريدَ الحزن غائلَ همّه=حتى يُظَنَّ من البلاء شفاءُ
فاغنم مذاق نعيمها متفائلاً=فبحسن ظنّك تطرب الأجواءُ
واملأ حياتك قوّةً، ما أخطأت=نفسٌ لها في شطّها أفياءُ
شاخت على رشفِ المُعَتّّقِ فانتشت ،=و سمت يضيء وجودها الإذكاءُ
في شرعها عيش الحياة سعادةٌ=فيما الحياة محبّةٌ وعطاءُ
لي منك يا شعرُ انبعاث هويّةٍ=يرنو إلى إصرارها البلغاء
هي في تقى الرحمن خير هديةٍ=فإذا سطا الشيطان فهي بلاء
يا ربّ فاجعل في رضاك منابعي=تروي ضلوعي الدفقةُ الغنّاء
وتضيء نفسي من روافد أحمدٍ=حتى يضاف إلى البهاء بهاءُ
فالنفس تَكمُلُ في وِصال حبيبها=ومن الوصال تذكّرٌ ووفاءُ
ما أجمل الدنيا بذكر محمّدٍ=في ذكره كلّ الحياة تضاءُ
في حبّه يصحو الجَنان منزّهاً=عن كلّ خطبٍ صاغه الجهلاءُ
يا رَبّ صَلّ على النبيِّ محمّدٍ=واغفر لنا فعيوننا شفعاءُ
تصفو لذكرك حيث يغمرها الجوى=وتضوع منها بهجةٌ وسناءُ
يا مُبلِغَ التنزيل ألف تحيّةٍ=من قلبِ عبدٍ شفّه استحياءُ
حمل الخطايا، ثمّ ضاق بحملها=حتى رماه إلى العناء بُكاءُ
فسرى يضمّد بالدعاء جراحه=والغوص في بحر الدعاء نداءُ
ليصيح: " يا الله ...، جئتك نادماً=جار الزمان وأُعثرَ الكرماءُ
وتناوش القومَ انكفاءُ عيونهم=حيث القنوط وأرضه العجفاءُ
فطلبتُ من زاد الحبيب شفاعةً=في حَجْبِها كلُّ الورى تُعَساءُ
حاشاكَ يا رحمن...، بعض جوارحي=تحت الأنين تُضِيرها الغلواءُ
فاغفر بعفوك زلتي ولجاجتي=وعَصيَّ قولٍ للجمال جفاءُ
ما كنتُ في كسب الشمائل جاحداً=حتى يني إيماني الفرقاءُ
وأنا الذي أذكيتَ فيَّ مشاعراً=بوصالها ليلُ الدروب جَلاءُ
**=**
يا ربّ ...؛ لا نرجو سواك مخلّصاً=أنتَ القويّ وكلّنا ضعفاءُ
غوثاه من ضعفِ العزائم إنْ سرى=والخطب في ضعف القلوبِ وباءُ
الركب في دربِ الحياة مقصّرٌ=يرجوكَ نصراً في هُداه وِقاءُ
فالقِبلةُ الأولى تعانِدُ أسرها=وحُماتها بجموعهم أُسَراء
هذا أسير المال يبتلع الحصى=ونديمه تحلو له العلياءُ
وسواه بالخوف المَقيت ملثّمٌ=يسطو على أنفاسه الرَقباءُ
وشريكه أسرُ النُهودِ يذيقه=طعم الغِوى وتذيبه الخيلاء
يتوَسّد الضوء المُضَيَّعَ تاركاً=للّيل لهواً للصديِّ غُثاءُ
يحيا على سطوِ المفاتن ضائعاً=عن كسب علمٍ يقتضيه بناءُ
متناسياً أنّ السعادة نبعها=درب الصلاح يؤمّه الندماءُ
يبنون في مسعاه تاريخاً له=ذِكرٌ يناجي مجده النُبَهاءُ
ويرون في خلق الجمال خلودَهم=ومن الجمال ترفّغٌ وحياءُ
من جنّة الأخلاق جني خصالهم=عطفٌ وبشر سماحةٍ وسخاءُ
هذا هو الإسلام شمس وجودنا=هو عزّنا وليخسأ اللُقَطاء
ما أسعد الإنسان في ميراثه=حيث السلام محبّةٌ ونقاءُ
فالعيش في صدق الوفاء تألّقٌٌ=يسعى لجني حصاده العلماءُ
والعيش في الرزق الحلال عبادةٌ=يرتاح في آفاقها العقلاءُ
فكرامة الإنسان حُسنُ صنيعه=فإذا بغى فعلى يديه فناءُ
الحبّ بالإيمان يَكْمُلُ طهرُهُ=والمؤمنون بطبعهم رُحَماءُ
هم من سموا بالصبر عند المُشتَكَى=والحقّ في شرع التقيّ ثراءُ
من في سبيل العدل يعذل نفسه=إنْ غالبتها نزوةٌ رقطاءُ
أنّى انتأى عينُ الرقيبِ تُحيطُهُ=بعنايةٍ هي للنفوس صفاءُ
بسماحة الإسلام لا بِسِهامِهِ=نُصِرَ الرجالُ وأُوفد النُجَداءُ
لا تقتلوا...، لا تقطعوا...، لا تُُحرِقوا ...=حدّ السيوفِ كرامةٌ وإباءُ
بالحكمة المهداة جاء كتابكم=وعلى هداه تناصح العظماءُ
بسماحة الإسلام كان سلاحه=أمضى وزيد على الصمود مضاءُ
حين اعتلى رمزُ الحضارة مشرقاً=عرشَ الطغاة فغابت الفحشاءُ
وزهت أمانينا بذكر المصطفى=وتوضأت بضيائه الأحياءُ
حتى استزاد الخير كلّ متيّمٍ=بلقاء وجه الله حين يشاءُ
فالعمر في الدنيا كطيفٍ عابرٍ=والخالدون بخلدهم سعداءُ
ذي قصّة الإيمان في أبعادها=هو جوهرٌ ما شانه استعداءُ
أضفى على الآمال عطر تآلفٍ=بإرادةٍ ما شابها استجداءُ
فالحقّ يؤخذ باليمين منزّهاً=والخوف في صون الحقوق خواءُ
قولوا لمن خرق الحقوق بِجَوره=الحب من فيك الكريه براءُ
من يصنع الموت العميم ومن له=كأس المنون زجاجة وحساءُ
يقتات من لحم الشعوب ودأبه=شرب الدماء وما لها إرواءُ
ما بال " أمريكا " تكابد غيظها=إنّ الحماقة للشقيِّ عِداءُ
لبراءة القتلى تقطّر دمعنا=وكأنهم من ربعنا أشلاءُ
هم مثل أبناء العمومة في الردى=حين استباح وجودهم أعداءُ
كم طال في ليل المظالم صبرنا=حين استباح جباهنا الجبناءُ
وتخطّف الغدرُ الصِغارَ كأنّهم=بين الرماد لمن أراد شواءُ
بسلاحكم ذقنا مرارة غدرهم=وبعونكم ضاقت بنا البطحاءُ
لم تردعوا "شارون" يوم تخضّبت="صبرا" وجفّت في العراء دماءُ...!
لم تردعوا "بيريز" عن طغيانه=فنحيب "قانا" ماله أصداءُ
كلّ الدماء من القلوب هديرها=أمّا دماء سوادنا فالماء
كم أخطأ الطغيان في تاريخنا=أين الطغاة وكلّهم أخطاءُ
ما عاد في ثغر الزمان سوى الصدى=وشقيّ قولٍ للجناةِ عواء
عودوا إلى رشد القلوب وأُنسها=نسغ القلوب تراحمٌ ودواءُ
**=**
آهٍ... أيا " ذات الجناح " إلى متى=والحزن فينا سيّدٌ ورِِداءُ
لا تُخدعي بالقول أو تتواضعي=للغادرين شريعةٌ خرقاءُ
صدّقتُها فغدوتُ شلواً يصطلي=قهراًً وليت لقهرها شركاء
ما كنت من نسل الحمائم ...! إنّما=للغصن بين أصابعي إنداءُ
ثوري كما النسر المحلّق في السما=و دعي التراب يجوبه الزعماءُ
......................................
السبت 22/9/2001
من مجموعة: "مواسم الرحيق"