الأربعاء، 28 مايو 2025

Hiamemaloha

أغني لخيباتي للشاعر حميد العادلي

 أُغَنِّي لِخَيْبَاتِي


لَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ،

أَنَّ دَفْتَرَ اللُّغَةِ الإِنْجِلِيزِيَّةِ

سَيَغْدُو أَرْشِيفَ خَيْبَاتِي الصَّغِيرَةِ.

ذَاتَ يَوْمٍ، كَتَبْتُ:

أُمِّي الغَاضِبَةُ،

أَمْسَكَتْ بِي وَأَنَا أُقَبِّلُ بِنْتَ الجِيرَانِ.

صَرَخَتْ، عَضَّتْ،

لَطَمَتْ خَدَّيْهَا —

فَصَارَ خَدَّاهَا خَارِطَةَ دَمٍ،

وَنَشِيجُهَا يَعْلُو كَأَنَّهُ إِنْذَارُ القِيَامَةِ.

فِي الخَلْفِ،

كَانَتِ المُرَاهِقَةُ

تَتَوَارَى

تَضْحَكُ،

ضَحْكَتُهَا مَاكِرَةٌ، لَا تَعْرِفُ الذَّنْبَ.

كُنَّا نَعْتَقِدُ أَنَّ جَسَدَيْنَا الزَّهْرَيْنِ

يَسْتَحِقَّانِ التَّجْرِيبَ،

الصَّلْبَ،

وَالِاحْتِرَاقَ.

وَفِي مَطَالِعِ الصَّيْفِ،

حِينَ كَانَتِ الشَّمْسُ

تَفْرِدُ رُوحَهَا الوَقِحَةَ فَوْقَ رُؤُوسِنَا،

صِرْنَا ثَلَاثَةً:

نَلْتَمِسُ الظِّلَّ فِي بُسْتَانٍ عَتيق 

نَبْحَثُ عَنْ شَجَرَةٍ رَحِيمَةٍ

نُحَوِّلُهَا إِلَى حَانَةٍ خَيَالِيَّةٍ.

أَحَدُنَا يَحْمِلُ صَحْنَ الخُضَارِ المُبَلَّلِ،

وَآخَرُ يَجُرُّ بِسَاطًا تَلَاشَتْ أَلْوَانُهُ وَامْتَلَأَ بِالوُجُوهِ،

أَمَّا أَنَا، كَبِيرُهُمْ،

فَأَحْمِلُ زُجَاجَةَ العَرَقِ البَغْدَادِيِّ،

أُحَدِّثُهَا، أُغَنِّي لَهَا،

كَأَنَّهَا الصَّاحِبُ الوَحِيدُ.

وَحِينَ طَالَ بِنَا البَحْثُ،

الْتَفَتَ إِلَيَّ الرَّجُلُ المَرْسُومُ عَلَى القَنِّينَةِ،

بِعُيُونٍ لَا تَغْفِرُ،

سَأَلَنِي بِلَا صَوْتٍ:

"مَتَى تَبْدَأُ الحَفْلَةُ يَا رَجُلُ؟"

وَلَكِنِ الصَّمْتَ لَمْ يَدُمْ.

صَوْتُ أَبِي كَانَ قَرِيبًا

شَقَّ الشُّجَيْرَاتِ،

كَالرَّعْدِ،

يَهْدِمُ تَمَرُّدَنَا،

وَيَطْرُدُ رُجُولَتَنَا الكَرْتُونِيَّةَ

مِنْ جَنَّةِ اللَّحْظَةِ.

وَبِثَوَانٍ قَلِيلَةٍ،

كَانَتْ أَرْوَاحُنَا تَحْتَضِنُ لَهَاثَ الهَزِيمَةِ!


وَلَمْ تَنْتَهِ القِصَّةُ عِنْدَ هَذَا الحَدِّ

الخَيْبَاتُ لَمْ تَعُدْ صَغِيرَةً،

تَنْمُو، تَنْكَمِشُ،

كَشَجَرَةٍ عَطْشَى،

تَمُدُّ ذِرَاعَيْهَا لِلْفُصُولِ،

تَنْتَظِرُ قَطْرَةً.

كَانَتْ

تُقْلِقُنِي حَدَّ الانْهِيَارِ.

تَأْخُذُنِي إِلَى حُقُولٍ

يَزْهَرُ فِيهَا المَطَرُ،

ثُمَّ يَخْذُلُهَا العَطَشُ.

وَفِي أَوَّلِ عُرْسٍ لِلْجَسَدِ،

تَعَثَّرْتُ بِخَجَلِي،

وَأَمَامَ مُفْتَرِسَتِي القَدِيمَةِ

لَمْ أَعْرِفْ:

أَأَبْكِي؟

أَمْ أُخَبِّئُ رَأْسِي بَيْنَ رُكْبَتَيَّ؟

وَهَكَذَا،

كُلَّمَا تَنَفَّسْتُ الحَيَاةَ،

أُدَوِّنُ خَيْبَةً جَدِيدَةً،

لِتَبْدَأَ

صَفْحَةٌ أُخْرَى.


حميد العادلي 

العراق

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :