قصيدة: " تجارب في أزقة المخيم"
"متاهات المخيم"
شعر د. أحمد محمود – 25 نوفمبر 2018
في متاهات المخيم المعزول المظلم
وفي أزقة شبكات عالمه الرطب المبهم
المبلل بالأملاح ، والأوحال، والعلل والسقم
عالم تلاشت من أجوائه الأقمار والأنجم
لا كهرباء تنيره ولا هدأة تخيم عليه كالغيم
حيث يكون العبور ليلاً كالطريق المحرم
ولون الدياجي أسود كاحل كالفحم
والزاروب عميق، طويل، كثعبان مهاجم
ضيق، خانق، بالرعب والاسوداد مدلهم
وأسراب الجرذ تتلاقى بين الأقدام
وفوق الأرؤس تترى بالتقدم
وعلى شبكات أسلاك الكهرباء تزحف مدججة بالعزائم
وتعدو لاهثة بحمل الطرائد والمغانم
وكأنها تعبر على شبكات من السلالم
أتخيلها تمشي على ضفاف جسر عائم
وعيونها تضيء كضباع الغابات والأجم
والعابرون من البشر يرعبهم جو التصادم
فالخاسر دوماً إنسان تائه، شارد الذهن بلا حزم
الجرذ لا تعرف الرجوع أو طعم الهزائم
فلا بد أن تعود إلى جحورها محملة بالغنائم
قطعة لحم من قدم، أو أذن، أو ربما قطعة شحم
فهي لا تفاوض، ولا تتنازل، ولا ترضى بالتساوم
تعلمت من بيئة المخيمات أساليب الاقتحام والتقدم
تعلمت أن الزاروب ملك لها فتحميه كالضياغم
الأزقة خطوط حمراء في زمن داجٍ ظالم
تستأسد الجرذ لما تخبو رؤوس الضراغم
وصرير أصواتها يغدو كالزئير العارم.
حتى الذباب في أزقة المخيمات دبابير تقاومْ
تدوي جماعات وفرادى وعن أزقتها تدافع وتهاجمْ
فهي عن حقها أبداً لا تتنازل ولا تساومْ
وجيوش الأمة معظمها في ثنايا أكداس الأزبال ترمرمْ
وفي مستنقعات الذل والعار ترقد وتخمخمْ.
بقلمي د. أحمد محمود