مدينة العشق **
بقلم الشاعرة عائدة العبدو
أدمنت هواه في كل ثواني العمر
في لوعة أشجان الفراق
أحار بين ضجيج الجوى
وصمت الفؤاد
وافتقاد ترياق الأمل
أبحث عن مفاتن للذات المقهورة
أحلق كالطيور المهاجرة
في قسوة جلود الصقيع
إلى حلم مجدول بالخيال
علني أقتبس نشوة في صدر الروح
المكتظة بالانكسارات
التائهة على شرفات الانتظار
أكملت قراءة أسطورة منلوءة بالهمسات
والقفار يشقق ثنايا الوتين
نسجت تراتيل عشق لا ينتهي بالبعد
من أعواد عباد الشمس
المنسدلة على نوافذ العزلة
وشرعت في بناء مدينة العشق
بلا دمع في محاجر العيون
بأسوار من عقود الياسمين
بقرميد قرمزي يشبه قيعان بحر الوله
صففت الفيروز قرب الياقوت
وزخرفت الأسقف بلآلئ قناديل النجوم
ثمة مشكاة صغيرة للأمل في عمق الحلم
يطل قمر السماء في ليل عتم الشرود
يساند أنين الروح ويسامر الذكرى
حصنت مدينتي بمنيع القلاع و الحصون
بأسلاك شائكة لعيون الحاسدين
لا يطأها الغدر ولا الخذلان
محجوبة عن شقاء الحسرات
ملوِحة ببيارق أطياف الغيّاب
تحلق في سمائي نوارس وطيور
وهدل الحمائم رنيم الآذان
فجرت ينابيع روابي الأرواح العطشى للمطر
لتنهل الروح من صنابير سبيل الأمنيات
زرعت الليلك في فسحة السماء
سقيتها بقطرات ندى الهمس الرقيق
وجهزّت مقاعد الانتظار عند لوحة الغروب
المرسومة في أفق بوادر الرحيل
شيدّت أعمدة القصور
من حروف تعانق بوح الأسرار
وعلى تيجان العروش
ُحفرتُ كلمات الاعتراف المجنون
وأبجدية الغزل تطرز طلاء الجدران
كأرياش الطاووس المغرور
ينتثر الرياحين على أرصفة شوارع المواعيد
نزعّتُ أشواك باقات الورود وأبقيت على العطر
يمر عاشق يحمل لهفة السنين
بعينين بارقتين بالأشواق
أينك أنت تمر على جراحي بلسم يدواي السهد
إياك أن توقظني من رقودي
من حلم خرافي نسجته على سطر القصيد
قطنتُ مدينة العشق منذ طلول القمر
واستعمرتُ سحر شغف المكان
حين اعتراني الهجر والذلول
حين عصفتْ بفؤادي ريح التخلي
ورمت على الأرض ورودي
دعني أرنو نحو الوجد
وأعانق قمر السماء
وأمضي ما تبقى
على مرابع الحرير
أترنم بموسيقى
همس شغائف
الغرام
عائدة العبدو / سورية