الثلاثاء، 25 أكتوبر 2022

صراع الثيران للأديب الحسين صبري

 صِـراع الثيران


أصدقائي رحلوا، لقد ذهبوا بعيداً

رحلوا منذ زمن طـويـل

لم تعد السماء مضيئة ولا الليالي الباردة تحمل دفئًا

لم تعد الأرض تنبت عشبًا، ولا الشفاه مازالت ترسم بسمة، ووجوهنا تحكي قصة، وفي القلب ألف لوْعةً وألف غُصَّة 

صارت أحاديث الموت كمن يقول (نُكْتة) أو (مَزحة) نضحك بوسع أشداقنا وفي أعماقنا أوجاع وحسرة 

نحن مزيفون والأوهام تسكن عقولنا نَلعق السراب ونضع منه حفنةً في جيوبنا، أفكارنا مُبْتذلة وحواراتنا كصِراع الثيران في الحلبة، خِلاف وإختلاف وفوز دون أهداف، وصاحب الأرداف يحسن الجلوس بل سعيد على مقعده ولم يتزحزح عن رأيه قيد أُنْملةٍ، لن يتزحزح أبداً.....

لم نعد كما كنا ولا أحد يُشبهنا بل لا نشبه أحداً، نحن في خِصام ومُنازعة حتى مع أنفسنا والكل هنا  ذو قُدْرةٍ و نابِغة، والبؤس والشقاء يلفنا والحياة في مَخاض تئن وتصرخ بعيون دامعة تحتاج إلى جِراحة فالولادة متعسرة 

لا شيء يجمعنا إلا عجين من الثرثرة منثور عليه بعض من النِفاق وحبات مكر وخداع، من كل شيء رديء القليل إلا الكراهية والبغضاء بكثرة  ويـالها من وجبة لذيذة دَسِمة...... 

هكذا نحن وهكذا أنا عندما أكتب، عندما تختنق الكلمات في داخلي وأعجز عن التعبير، عندما تغيب الشمس وتَمتلِئُ السماء غيوم،  غيوم غير مـاطـرة 

لا ملاذ هنا إلا الوحدة فلا يد أحن من يدها ولا أمان أكثر من حضنها

والهمس والبوح وكل المفردات الجميلة تسكن شفاهها

يَسطع نجمها عاليًا فهي  كالمنارة على الساحل كحقنة تحتاج الوريد، أجد عندها ما أريد، يجمعنى مع الوحدة فى تلك الخَلْوة التأمل حتى لا يُقال كان الشيطان (ثالثهما)......

#الحسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق