الزّوال المحتوم
بقلم الدكتور سامي الشيخ محمد
الزّوال خاصيّة جوهريّة للظّواهر الزّائفة في الوجود، لذا كان وجودها في الحياة وجوداً مؤقّتاً طارئاً غير مشروع، بخلاف الظّواهر الحقيقيّة الّتي تتميّز بأصالتها وقدرتها على البقاء بفعل مشروعيّتها، ومن الظّواهر الزّائفة : الكيانات الاحتلاليّة للأمم والشّعوب المستعمِرة، والشّرور على مختلف أنواعها.
وثمّة تقاطع واختـلاف فيما بين الظّاهرة الزّائفة والظّاهرة الحقيقيّة . فتعيّنهما المحسوس في الحياة وإشغالهما حيّزاً من الذّاكـرة الإنسانيّة أحد أشكال هذا التّقاطع، في حين يعدّ انتساب إحداهما للماضـي وعدم القدرة على البقاء والأخرى للماضي والمستقبل مع القدرة على البقاء ،ناهيك عن الأثر السّلبي الّذي تخلّفه الظّاهرة الزّائفة في النّفس الإنسانية في مقابل الأثر الإيجابي الّذي تخلّفه الظّاهرة الحقيقيّة، من أبرز عناصر الاختلاف بينهما.
والكيان الصّهيوني واحد من الظّواهر الزّائفة في الوجود، الأمـر الّذي سينتهي به إلى الزّوال، حقّاً :هل يمتلك هذا الكيان قدرةً لا نهائية على البقاء والحياة ؟ إنَّ دراسةً معمّقـةً لطبيعته ونشأته وبنيته، وللاحتلالات البشريّة منذ فجـر التّاريخ حتّى أيّامنا هذه تنبئ باستحالة استمراره في الوجود أو قدرته على البقاء، فالإمبراطوريات الرّومانيّة والبيزنطيّة والفارسيّة والعربيّة والعثمانيّة والبريطانيّة، والاستعمـار الأوروبيّ الحديث للعديد من بلدان وشعوب العالم، لم يفلحوا في البقاء كمحتلّين أو فـاتحين أو مبشّرين إلى ما لانهاية، ولا في إذابة الهويّة الثّقافيّة والحضاريّة للأمم المستعمرة، بغضّ النّظر عن الفروقات الجوهريّة والاختلافات الأساسيّة بين إمبراطوريّة وأخرى وبين استعمارٍ وآخر .
في هذا السّياق يمكن الحديث عن الكيان الاستيطاني الصّهيوني في فلسطين، مع الإشارة إلى وجود نوعٍ واحدٍ من الاحتلالات البشريّة أفلح في البقاء على قيد الحياة هو الاحتلال الأوروبي للقارّة الأمريكيّة ، بوصفه احتلالاً إحلاليّاً إلغائيّاً إفنائيّاً بآنٍ واحد، حيث عمل على إزالة السّكان الأصليين من الهنود الحمر إزالة شبه تامّة ونهائيّة .
من هنا فجميع الاحتلالات البشريّة غير الفنائية كان مصيرها الهزيمة والفشل، بغـض النّظر عن تباين الفترات الزّمنيّة فيما بينها، وهذا ناتجٌ عن مقاومة الشّعوب