فقد الأمان 🎇
من بين الأنقاض انتُشِلت الطفلة المسكينة كانت تحتضن كتابا مُزِّقت بعض أوراقه، مشت تائهة تصرخ وهي تبحث في كل الأمكنة عن حياة كانت تملكها لتضيع في قصفة، حتى اهتزت أركان الحي وكأنها الساعة، لم تعرف فاتن أين هي؟ كانت تنادي تارة على أمها وتارة على أبيها وإخوتها، دون جدوى ما تذكرته أنها في ذلك اليوم كانت مجتمعة مع أسرتها في المنزل يشاهدون الأخبار، وعيونهم شاخصة على الشاشة بينما قلوبهم تنفطر حزنا على الدمار والموت الذي ماعاد يُحسَب له أي حساب، وهي تقرأ في كتاب بين يديها، سمعت أمها تقول لأبيها:
- متى تنتهي تلك الحرب و يعم السلام في كل مكان.
رد عليها الأب:
حين تعرف القلوب الحب والرحمة، وتترك الأنانية.
فاتن وهي تسمع ذلك ما اعتقدت أن شبح الموت يحيط بهم من كل الاتجاهات، وأن القدر قد مهد طريقه إليهم ليأخذ أسرتها إلى عالم لاعودة منه.
لم تتوقف فاتن عن الصراخ ربما قد يستيقظ أفراد أسرتها من الموت، امتدت إليها يد رحيمة تمسح على رأسها بحنان التفت لتجد امرأة تبكي، احتضنتها وهي تتنسم رائحتها ربما تعوضها عن ابنتها المفقودة، أجلستها بجانبها تواسيها بعد أن أخذتها إلى حيث يجتمع ضحايا حرب، تلك التي صنعها الانسان ليتخلص من أخيه الانسان دون رحمة.
كانت فاتن ترى مشهد الدمار أمام عينيها الآن وليس عبر الشاشة، العشرات من المنازل دُمرت بشكل كامل في الحي الذي تقطن فيه خلال دقائق قليلة، ليتشرد من بقي على قيد الحياة ويصبح الشارع مأواه.
تلك الليلة قضتها فاتن مع تلك المرأة والمشردون أمثالها، ينتظرون فرج الله الذي سخر لهم بعض المتطوعين يفرقون عليهم المساعدات لسد رمق جوعهم، انسابت العبرات من عينيها وهي تنظر إلى كتابها الممزق، تذكرت أنها كانت تقرأ مافيه قبل أن يتلقى بيتهم القصف، ضاع حلمها الذي كم رددته لأمها بأن تتعلم وتحصل على شهادة، من سيتكفل بها الآن؟
نعم هو سؤال جوابه سيظل معلقا، من سيأخذ بيدها ليوصل بها إلى محطتها التي تهفو إليها؟
كانت لها أسرة تنعم بالدفء والحب معها، رحلت عنها لتواجه مصيرها المجهول، ماعادت تشعر برغبة في الحياة بعدما فقدت الأمن والحب الذي كانت تحياهما في كنف من جاءوا بها إلى الوجود.
سميا دكالي