الثلاثاء، 13 فبراير 2024

Hiamemaloha

بذاكرة النسيان للشاعر مصطفى محمد كبار

 بذاكرة النسيان 


بينما 

كنت مشغولاً بفكرة 

الوحي

و أتمشى لوحدي بمنحدرات

الضجر

فرحتُ أبحث بجدار الفكر

على ما فقدته بزمني 

اللقيط

لم أكن أعلم إلى أي جهةٍ

أسير أنا بالضياع

فتشت بزوايا مخيلتي عن

سبب الإنكسار

و تخيلتُ من شدة الخيبة

شكل كل الإحتمالات

ماذا سيحدث لو أن كان  لي 

من الآلهة قليلٌ من 

الحظِ

لأحظى بطرف النجاة

لا شيء لي ها هنا على ما 

أعتقد

أنا فارغٌ تماماً و خالياً 

من الوقت 

لا وقت  لي  كي أحمل 

خيبة القصيدة 

فالحياة و الحب يجب 

أن يكون من حصة  

الجميع

فتشتُ بكل كتب المؤرخين

و الفلاسفة والمفكرين

القدمى

فلم أجد بجسد المقتول

شيءٌ حي 

لأعود به مطمئنٌ على أثر

البقاء 

و قرأت من صورة الإنجيل

أكثر من الأنبياء 

دون أن أجد السكينة و الطمأنينة

في بكاء الطفلِ بداخلي

أنا دائماً أمشي متكلٌ على

السراب

و أهوى البلوغ إلى أعلى نقطةٍ

بصمت الأشياء 

أمشي على ضفاف الحلم 

لوحدي 

أرشف بنكسة الأيام بالملح

المر 

و دوماً تراني أتفقد عند 

البحر 

لون الرمل بلمسة الماء

كنت هناك وحدي أتحايل

على اليأس الدفين

كنت أجسُ صوت الفراغ

العاطفة فيا

و أدفنُ برمل شطآني 

جثة

ألفُ أمرأة من الياسمين 

فهنا 

لا شيء يوجعني من الصمت 

الكئيب

كان الوقت ملائماً

هناك  أكثر

لأكتب عن الجرح القديم  

فالمكان هناك كان هادئٌ 

و خياليٌ جداً في 

السكون

لكتابة قصيدة تئن تلهفٌ

بالحنين

كان النوارسُ الحالمةِ

ترقص مع السماء و تتسلى

بعناق الريح 

كان صوت البحر يوحي

بالتأمل 

بشيءٍ ما خفيف الظل

تجتاح الروح

مما يجعلك تركض بين 

الكلمات 

بحقائب الدهشة منقلبٌ

على المعنى تماماً

هنا وحدك تحمل ما تحب 

لنفسك 

حبيبتي كانت سمراء شقراء 

و بيضاء كالثلج 

و ربما تكون عسلية العينين

أو زرقاء أو بني اللون

أو  حنطية الشكل ترنو إلى

الأنوثة  أكثر 

لا فرق عندي بشكل و لون

الأنوثة 

وحدها كانت تملك لغة 

الحب مع البحر 

و كانت سيدة الجمال تختصر

ملامح القمر و كلَ جمال

الملكات

شأت أن تكون مثل الحمامة

ناعمة و هادئة و جميلة

رأيتها كالملاك تفرع برائحة

الزهور 

كانت لوحدها جالسة على

الشاطئ

شاهدتها متمددة على 

الرمل

و هي تدلك نهدها

بالشمس

فقلت في نفسي مندهشٌ

ماذا تفعلُ هذه المرأة 

لوحدها هنا

ماذا تنتظر عند نوافذ 

الوحدة

و بماذا تفكر يا تُرى

حاولت أن أقترب منها 

لأراها من تكون تلك المثيرة 

الجذابة .؟

و كلما جئت أقترب 

تباعدت هي نحو البعيد 

البعيد 

هل هي جنية  و وحدي 

أبصرها كإمرأة 

و كأنه بيننا جدار سميك 

يمنع لقائنا هناك

فكرت هل هذا هو حلم 

الذي 

أعيش وطئته كالمهزوم 

الخاسر

أم لم  يتسع لحكايتنا 

الوقت بعد

لنكمل صورتنا المنقوصة

كي نلتقي معاً

فحزنت على نفسي و أوجعت

قلبي 

كل وجعاً يكسرني أمام

ذاك الحلم

فتلاشى كل مفردات الوحي

و المعاني بذاكرتي

دون أن أكتب قصيدتي 

الوحيدة

و أبكي حجراً حجراً 

لقد مرَ  الوقت الذي كان 

يرسم

وجه الصباح مسرعاً و تاه 

في البعيد 

الشمس ذهبتْ  في أدراج

الغروب

و رحلتْ النوارسُ الحالمة 

بين ضباب الغيم

فتباعد البحر عني  رويداً 

رويداً

أخذ الموج الراحل من المكان 

كل الذكرى

كانت  معي  هنا  

تتنفس من الهواء ما يجعلها

تحيا 

كان لنا ماضٍ صغير بالمكان

قبل أن ننسى الزمان

و المكان 

و نتلو خلف الغياب آيات

الإنكسار

ماتت سيدة حلمي و تاهت

في الرحيل محبطة

و أنا متُ خلف الغياب محبطٌ 

بوجع السنين 

كأنها كانت تسرق من القصيدة 

الكلمة الأخيرة

قد جرى ما لا نشتهي و أغلقتْ

باب قصتنا حزينة 

فتسربَ بيننا زمنٌ غريب

و أجهش تحجراً

يا أيها الحلم البعيد كيف 

تجرأ 

أن تكسرنا وجعاً بمراياك

فعلى طريق الوداع 

هناك أغنيتين

أغنية حملت من التعب

ما فينا من هلاكٍ

و أخرى بقيت بذكرى

الراحلين

كالنشيد الخسارة معلقة 

في الريح

و حدها قتلتني حباً و تمرددتْ

مع الزمن المر 

حينما كان الليل أزرق

كنت أراها مع النجوم

فالشمس قد سرقتْ من

النهد 

ما أنا خسرته في حلمي  

المكسور 

فوحدها جعلتني عارياً

أرتعش بالأرواح المقتولة

من الأسى 

قد نسينا وراءنا ما كان

يجمعنا فتهنا كالغرباء

العابرين 

رحلتْ دون قبلة 

لتحييني بظل الحرف 

بعدها

و أنا عدتُ بخيبتي من الحلم 

ممزقٌ بوحدةٍ قاتلة

حملتها حينما كان الليل

يحملني 

كقدرٍ إلتحمَ بجداره كي

ينسى

مازلت أمشي بذاكرةٍ

لا تحفظ صور ضحياها

و مازلت ألملم مرارة الخيبة 

من بين كلمات القصيدة 

الحمامة رحلت و تركتني

لوحدي  

و أنا تركتها بجدار ذاكرتي

لتموت وجعاً 

هي بقيتْ تعبث بالذكريات 

القديمة

لأنها  هي المرأة الوحيدة 

التي 

أخذت من العمر كل 

شيء

و أنا أخذتُ من حكايتها 

الطويلة كل وجعٍ 

قاتل

و مضيت بخيبة السنين

بعيداً في النسيان 

دون أن أدري   

من أنا ...... ؟

من بعد الحرمان


مصطفى محمد كبار

ابن عفرين

حلب سوريا ٢٠٢٤/٢/١٠

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :