السبت، 2 مارس 2024

Hiamemaloha

عادوا للشاعر مصطفى محمد كبار

 عادوا 


من بلد الذباب 

بشهوة الطغاة برعشة

الخنازير عادوا

بملح إخوتهم من زمنهم

الغابر 

ليكسروا صباحنا  

و يشنقوا مسائنا بالظلام 

الواحش الكئيب

عادوا

صنعوا لنا توابيتً من 

الهواء

قالوا لنا قصص عن الحب

لكنهم كذبوا 

كما القدمى كذبوا بسيرة

المعجزات 

و طقوسٍ تحكي بعبادة 

الأصنام

كانوا عابرين على أجنحة 

أحلامنا 

كجماعاتٍ و فُرادا راحوا

يكبرون

و قد عبروا 

بلحمنا 

بكسرنا

بذلنا

بهمنا

بنوحنا

بجرحنا

و ببكائنا حينما سقط الزمان

على الزمان 

و أجهش الأموات بصدى 

الغياب ضجراً

أجادوا بلغة الإنشاد بقتلنا

و أجادوا

حين قتلوا فينا صورة الإله 

البعيد 

و إبتعدوا مع الأمس منسجمينَ

بالدروب البعيدة 

كريشةٍ تحملها الرياح لأماكن

لا نبصرها

ذهبوا بخيبتنا يزرعون في

السماء حجراً و صباراً

ذهبوا ليسكنوا سجية الألم

كلما  دقَ الشوق على الوتر 

و راح يعصره 

فالعاشق لم يمت كما الأخرين 

كنا نعانقهم و كأنهم جاؤوا

بآياتٍ من أُلوهتنا

ثم إستباحوا وطن الحرام 

و أزهقوا بالدماء النقية 

فغدو راحلين بعشرةِ السنوات 

كلها 

حاملينَ كذبتهم القديمة 

بقوافل الطعن

لم ينظروا للوراء إلى شكل

الوجع بداخلنا

تركوا خلفهم أوجاعهم فينا 

و غابوا كالغرباء

كانوا يشربون من مائنا 

و يأكلون من خبزنا

و كانوا  يرقصون فوق أجسادنا 

رقصة الشيطان الأخير

و كانوا ينامون مثلنا قربين

من الأموات 

فعادوا 

ثم عادوا  

ثم عادوا

لا  لا  فالمحارب القاتل لم يعد 

مع الفجر الشريد

و الروح بحقبة الرحيل

لن تعود

لقد أخذوا من سمائنا كل 

النجوم و القمر و لون الحب

البعيد

و دفنوا  العيد بسابع أرض 

داسوا بأقدامهم  ياسمين الصباح

سرقوا منا بهجة الإنتماء 

و أحرقوا العمر بدموعنا و فرحتنا 

بالحياة 

حملوا للشعراء نوح وجعنا بلغة

الوحي الحزين

و عندما  كتبوا الشعراء عن  الحكايا

الموجعة 

سقطت الآلهة بخيبة

النجاة

قصدوا فينا هذا الوجع الكبير

و إستراحوا بعِدين خلف

المدى

فلم يتركوا  ورائهم لنا

غير الموت

و بعضٍ من أثر الحنين 

بالكفر

و لم يفكروا يوماً بأي وجعٍ 

أو  أيُ طريقةٍ سنموت 

محبطين

و لم يسألوا الآلهة عن القيامة

أو عن طريق الندم

المر 

لم يكتبوا  فوق مراياهم 

أسمائنا

كي نتذكر من  نحن هنا

وحدنا

هناك خلف الوجع حكاياتنا

بالهزبمة الكبرى 

فكان القسمُ نشيد المشعوذين

يوما إلتقيناهم بالمراهقة

الأولى

سيوف الغدر  وحدها كانت صلة

الوصل بيننا و  بينهم

و الوقت كالتابوت مازال يحملنا

ثقيلاً ثقيلاً

لم يقولوا لنا عندما كنا نعانقهم 

أكثر

و نتعلق بهم سيرحلون بالروح

التي إحتلوها

لا  صباحٌ لنا غير شكل الصباح

و لا غدٌ  لنا  بقي ليطلُ  كضيفٍ 

زائر خفيف الظل

يأتي ليصافح من إنتظره طويلاً

في العدم 

فكل أبجديتي  هي كتاب

الندم 

و لم يقولوا لنا لو  همساً بأن هناك 

بالآتي هواءٌ مر و حاقد

لم  يقولوا أحاديث الشرفاء بصدق

الكتب المقدسة

و لم  يتركوا لنا فسحةٌ صغيرة 

كي  لا نحبهم أكثر و أكثر 

كان يجب أن نبني بيننا جدار

من الحذر قبل الإنكسار و لو

بقليل 

إقتبسوا  كلام  الفلاسفة الحمقى 

من الظلام 

عن الضحية و لون السماء

الشاحب بيوم النكبة عندما

حسموا أمرهم بالرحيل

كل شيءٍ  جاء متخافياً خلف 

الشبح القريب

فالحب كان لعبة الموت بسحر 

القاتل المحترف

قل لي بماذا كنتَ تحلم

أقول لك من أنتَ

فلنا  ما لنا من الآلهة كلَ ما

يكسرنا

و لنا  متاحفٌ من الأوجاع 

بنكسة الزمان و كفر 

العابرين

هم الذين قتلوا صغار الملائكة 

و لذوا بالفرار لينجو من

الندم 

لم يسمعوا صراخ الضحية

بساعة ذبحها 

و لم يخجلوا يوماً من ضحايهم

و لن يندمون

لقد  غيروا كل الصفات فينا 

إلى حزنٍ قاتل

فبدلوا  الزمان بآخر و غيروا

المكان و بدلوا كل الأسماء

و الذكريات

لم ينتظروا حتى نعيد لجنازتنا

موكبٌ يليق بالخاسرين

القدماء 

 فلم يتركوا لنا و لو صورةٍ

واحدة من صورهم

لنحيا بالذكرى

فإنكسر الوقت مضرجاً

أمام الريح 

و شهق الليل في البكاء طويلاً

بنسيانهم 

و حلقَ الأنينُ عالياً بصراخه

حتى تنهد

كانت لنا مواعيدٌ مع الفرح

هناك

و أحلامٍ صغيرة لكنها دفنتْ مع 

الفراشة

بباب الكنيسة المهجورة دون

أن يمروا من هناك 

و نسينا من نحن أمام الموت

كما  نسينا كيف نعود للحياة

ثانيةً

و لم نستطع أن نلمس صوت 

الريح بأيدينا لنشعر بأننا مازلنا

أحياء

هل هي هكذا ... ؟

قالوا نعم  هكذا  هكذا

سألت لماذا .؟

قالوا لتموت أكثر 

قد رأينا فيك صورة الملاك

و الشياطين كما تعلم 

لا تهوى النقاء 

فمارسنا كل طقوس الخيانة

فيك لكي تموت 

لكنكَ أدهشتنا بتحملك لكل

هذا الوجع و لم  تمت

قلت لهم  .....

لي أبديةٌ بالجرح و الخذلان

بدنيا البشر

و لي أزليةٌ بزمن الخيانة 

و مرها 

و مازلت أحمله وجعاً بكل

حياتي

أنا لم يكن ينقصني كل هذه

المآسي

فالوجع قد مارس نهوضه الحر

بالعمر المكسور

و لم أحظى يوماً من الحظِ 

أن أحيا قليلاً 

و لو  على طريق المصادفةِ

كعابرٍ في المدى 

قد كان كل شيء بجسدي

متعب و مرهقٌ منذ

البداية 

و القهر قد أورثني كل مزاياه 

و مهمته القديمة و استقال

فإلى أين تمضي بنا يا أيها 

العمر الجريح

قد إغتالوكَ 

و حطموكَ 

و شنقوك كالمحكوم بالإعدام

بجدار الطعن بوجعٍ عميق

جداً

و قد رموني مثلَ يوسف  في البئر 

المرير بوحدةٍ قاسية 

و راحوا خائنين يشدون بالحرام

ليومهم السعيد 

كانوا  عابثون يجهدون كل 

شيء

رحلوا هاربين لعالمٍ يشبههم

تماماً 

عالمٌ قذر و ريخص قد أشبهم

بحر  الوهم 

و نحن بقينا نجرو الوجعِ ورائنا

بخيبة السنين 

فكل القوافل العابربن التي مرت 

بأعمارنا 

كانت قوافل النكسات بالهزيمة

الكبرى

لقد لبسنا ثوب الأحزان و هي

لا تليق بنا 

و أمضينا من سوء الإختيار 

العمر كله ندماً

فجلسنا متكأين بظهورنا 

للجدار العار 

كاليتامى من شدة الصدمة

كنا طيبين جداً

و مخلصين جداً

و كنا  أغبياءٌ جداً 

فالحماقة كانت ولادتها بولادتنا

الساقطة

من كان سبب الكارثة بحياتنا

المتشابكة بسقوطها

من رسم لنا هذا الدرب العسير

كي نمضي به خاسرين

كانوا  قطعةٌ من الروح بهذا

الجسد

باعوا

كذبوا

جرحوا

طعنوا

حرقوا

يا أيها القريب البعيد 

ماذا تحمل في الغياب للمقتول

الغائب

فليس هناك  عمرين لنكون في 

التجربة الفاشلة عائمان

فأنا و أنتَ من بين الأحياء

الغائبان

يا أيتها الآلهة الحالمة

بهزيمتنا

إنهم و كأنهم جاؤوا متنكرين 

بشكل الأنبياء ليستكملوا الهدمَ 

ما بقي فينا 

لقد دمروا كل الأشياء الجميلة 

فينا 

و رحلوا خائبين بظلمهم متنهدين

بالحسرة الأخيرة

و رتبوا أحلامهم بموتنا و قتلونا 

حجراً حجراً

ثم ماتوا بالكفرِ بعِدين بصور

الذكريات 

و هم ...... واقفين 


مصطفى محمد كبار 

درويش  عفرين 

حلب سوريا  ٢٠٢٤/٢/٢٨

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :