الأحد، 6 يوليو 2025

Hiamemaloha

ظلمنا الحب للدكتورة نجوى محمد سلام

 ظلمنا الحب 


كانت معاناتي الأساسية أنني بمجرد النظر إليهم أتوغل إلي أعماقهم فأصل إلي بؤرهم المظلمة ، ظللت أستبعد فكرة التخاطر عن بعد التي أورثني إياها ، طوال فترة إقامتي بأغوارهم كنت أضطرب من هول ما أري وأسمع ، بدا دخولي الجنة أيسر آلاف المرات من ذبذبات همهماتهم التى تحتلني ثرثراتها صباح مساء .

رمزهم البريدي الذي ينسخ بروحي طلبات تأشيرة مرورهم بأعماقي تكتظ منه وبه عشرات الأوراق ، لا يعرفهم أحد مثلي .

أنظر بطرف عيني فأنكش غرائبهم ، أمتلئ بنفايات بنات أفكارهم  فلا تعود روحي صالحة للإستخدام ، لذا كنت دائماً حريصة علي مقابلته لأفرغ سموم نفاياتهم .

عرف عني ولهي بالغوص في أعماق الناس ، سبقني في الحصول على الباسبور وتأشيرة الدخول إليهم ، لكنني تفوقت عليه في استخراج تأشيرات الخروج الآمن منهم دون أن يصيب روحي عفنهم ، وإن كان هذا لم يشفع لي في الإقامة الدائمة داخله .

كنت تلميذته الدائمة المطيعة ، تحت سطوة إلحاحي الدائم نبدأ معاً الرحلة التي تأخذنا لمناطقهم الشائكة ، رحلة لن تتعلم فنونها إلا على يد خبير قدير مثله ، شديد اللطف والحكمة ، في كل مرة وأثناء رحلة العودة أعيش واقع جديد ، لكني لا أغلق أبواب متاهاتهم أبداً حتي لا أتوه مثلهم في دروب الحياة ولا أغرق في يمها الموحش .

أسحب نفساً عميقاً وأخوض التجربة بعشق منقطع النظير ، يناديني صوته الهامس : استمتعي بكشف حقائقهم لكن حذاري أن تخدعك أعراض مرضهم الخبيث ، تمسكي بطوق الكتابة كلما شدتك الأعماق .

تنبض أناملي بحياة جديدة ، أقابل أجناساً من مختلف أنواع البشر ، أثور بينما هو يبقى متحفظ وهادئ .

 منهجه سلسل ومقراراته بسيطه لكن روحه عميقه ، لا تبتلعها إغراءاتي ودهاء مناقشاتي .

أبتلع رشفات فلسفاته بعشق وأرددها بحذر قبل أن تقف في حلقي ، يصدر لي وجهات نظره فأتبناها بفهم حويط ،  في البداية كان يبدو لي الأمر غاية في التعقيد ثم بعدما فتح معابر روحي بسلام لقدسية رسائله لم أعد أملك في حضرته آليات الجدل بعدما ولى الجدب .

بحماس علمني فنون الإنقلاب علي عزلتي ، لم يكن في البدء انقلاباً بالمعني المتعارف عليه ،   متحمسي العنيف استطاع أن يستميلني إليه ضد ذاتي القديمة ، وجدت نفسي في حرب مفتوحة علي مصراعيها بنزاهة وحيادية ،  كان حرفه العقل المدبر لأبجديتي عن طريق لاسكي لوغاريتمات تخاطره الغريب الذي لا يستطيع كائن من كان أن يقوم مقامه .

لم أر مثله طوال فترة تتلمذي علي يديه ثم كانت لحظة الفطام والانفصال التي لم أكن أحسب لها بال ، تسللت إلي أعماقه في لحظة انشغال حمقاء مني دعاوى المغرضين ، لم أكن أعلم أنها ستجد طريقها لروحه فتنزعني منه ، أحقادهم الإستعمارية بالنيل منا غلبتنا وهزمت علاقتنا ،  ظلمنا الحب  ،  وبلغ الكبرياء منتهاه .

 تشبثت ببرنامج الرحلة دونه ، رغم تكلفته المضنية ، امتلأت عناداً وتمرداً ، اعتبرت بقاء بقاياه بأعماقي لعنة يجب سرعة الاستشفاء منها فوراً ، لا يهم أن يشاركني أحلام دخولي لأعماقهم مجدداً ، تركني عمداً أغرق في بحورهم دون تفسير رجلي المراوغ الخطير ، فعل ببنات أفكاري ألاعيبه العجيبة ،  وغادر الشط وتركني أستسلم لمصيري المحتوم وأستمتع بنغمات عزفه الحنون بأعماقي وتعاليمه الشفيفة التي تحتل تكويني النفسي وأبطال أبجدياتي المجنونة فتضئ روحي وتكتمل مقطوعاتها الموسيقية معلنة له ( ظلمنا الحب ) لكن سيبقي ما بيننا خالداً أبدياً يا بحر عشقي الكبير .


د/ نجوى محمد سلام 

( الفراشة الحالمة )

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :