الأربعاء، 7 أغسطس 2024

Hiamemaloha

عندما ينبض فلبي / ق.ق للكاتب عبده داود

 عندما ينبض قلبي

قصة قصيرة 

7/8/2024

سيارة لبنانية فخمة وقفت بجانب بيت أبو عبود بالضيعة في سورية، عرف أهل الحارة بأن الدكتور جميل ابن ملكة جاء لزيارة خاله...

في الحقيقية لا أحد  يعرف الدكتور جميل، أمه ملكة منذ تزوجت إلى لبنان، باتت زياراتها قليلة إلى سورية، وخاصة عندما كبر أولادها وصاروا في المدارس والجامعات، ابنها جميل انتسب إلى  كلية الطب في بيروت وطيلة مدة دراسته وهو غارق  في الدراسة... تخرج   طبيبا  وسرعان ما خطفته إحدى المستشفيات الكبيرة في بيروت...

جميل غير إنه دكتور ناجح، هو شاب خلوق، لطيف المعشر، وسيم الشخصية، ابن رجل ثري...

كانت الصبايا في بيروت ينصبن شباك الحب حوله، لأنه (عريس لقطة)...

 تزوجت اختاه ، وهو يعيش مع والديه  في جبل لبنان في مدينة حريصا.

امه ملكة ترفض السكن في بيروت، رغم  دارهم جميلة  وفخمة تطل على البحر والجبل، كان يسكن فيها جميل اثناء دراسته  وعندما يتأخر في العمل.

أم جميل ترفض قطعياً السكن في بيروت وتقول:  

أنا أحب رائحة شجر الصنوبر البري، ولا أحب رائحة عوادم السيارات وزعيقها...

أحب زقزقة العصافير، ونسمات الجبل. ولا احب الموسيقى الصاخبة في العاصمة بيروت.

 أحب أن أزور تمثال العذراء في حريصا كل صباح، 

أنا ابنة ريف ،أعشق الشمس، وأعشق القمر، أح بل النجوم ولا تعجبني الأضواء المتراقصة في المدن...

أنا هنا في حريصا أعيش في الجبل الأخضر، وتمتعني مشاهدة البحر أمامي، وأنوار المراكب في الليل... هذه هي متعتي، لن أذهب إلى بيروت أو إلى أي مدينة أخرى في العالم...

لكن الذي كان ينغص حياتها،  هو ابنها، تريده  أن يتزوج وينجب  اولادا  من صلبه،  كانت تدمع عيناها  وهي تقول: اولاد بناتي ليسوا لنا، أما أبناء جميل سيكونون أحفادي ، هذا هو بيتهم، وهم سيفتحون دار أبوهم.

جميل كان يرفض سيرة الزواج، لدرجة  يشعر  بالامتعاض عندما أحدهم يجلب له هذه السيرة...

عندما تحادثه أمه في الموضوع كان يقول: يا أمي، أعدك،  عندما ينبض قلبي سأتزوج لا محال...

أمه كانت تعرف العديدات من الصبايا اللواتي  يحمن حول ابنها، بينما هو لم يعر أي واحدة منهن كلمة استحسان ولا حتى مجاملة منه...

حرب لبنان الأهلية في الربع الأخير القرن الماضي  دمرت لبنان، امتلأت المستشفيات بالجرحى، استنفر الأطباء ليل نهار في العمل، دكتور جميل، كان يغفو على المقعد في المستشفى دقائق ويستيقظ وهم ينادونه طالبين منه الحضور إلى قسم الإسعاف...

كادت بيروت لا تعرف النوم آنذاك...

بعدها توصلوا إلى  هدنة هشة، وهدأت الأوضاع نسبياً، جاء جميل إلى حريصا مرهقا،  وغلبه النوم أربعة وعشرين ساعة متواصلة...

قالت له أمه لماذا لا تذهب تزور خالك في سورية؟ هناك ترتاح بعض الوقت وسوف تعود لعملك بحالة متجددة نشيطة...

كانت فرحة أبو عبود لا توصف بزيارة ابن أخته، 

تلك الليلة صار مهرجان في الحارة جميع الجيران والأصدقاء جاءوا يسلمون على الدكتور جميل...وخاصة الصبايا اللواتي  عرفن بأن الدكتور لا يزال عازباً...

تلك الليلة صار ما يشبه العرس عند أبو عبود وخاصة عندما أحضر  جرن القهوة الخشبي  وأخذ يكسر حبوب القهوة بمدقة كبيرة جاعلاً من الطرقات ألحاناً تدعو إلى الرقص، حينها تحمست ام عبود واحضرت الدربكة، وعزمت صبايا على  الحضور، فتزايد عدد الموجودين وصارت سهرة حلوة لطيفة وخاصة عندما تحول الرقص الافرادي إلى دبكة، اهتزت الأرض  تحت اقدام  الشباب والصبايا ابتهاجاً...

 في يوم لاحق، دعا أبو عبود الأصدقاء شباب وصبايا  إلى الحقل، حتى يساعدوه في قطاف العنب، ذبح للمدعوين جدي، وأخذ يعمل على تهيئته للشوي، الشباب والصبايا انهمكوا في قطف العنب وجمعه وتغطيسه لتصنيع الزبيب ...تنهد أبو عبود وقال: اختي ملكة كانت تحب هذه المواسم، وأنا كم اتنغص لغيابها.

في الحقل جميع الصبايا كن يختلقن أسباباً  ليحادثوا الدكتور ما عدا واحدة لم تأتي اليه، وكان  هو ينتظر تلك الصبية  بالذات لأن جمالها لفت نظره، وطريقة تصرفاتها الناعمة  اعجبته...

عند وجبة الغذاء  تعمد الدكتور أن يجلس  بجانب تلك الصبية. تحادثا، وعرف بانها تقرب أمه من بعيد، وعرف اسمها ليلى، كما عرف بأنها مدرسة اللغة الإنكليزية في ثانوية الضيعة...

اليوم التالي كان يوم أحد، حضر الجميع إلى كنيسة الضيعة ... 

بعد القداس، تجمع الشباب الصبايا حول الدكتور جميل. ولم لا؟ هو ضيف الضيعة،  ايضاً  نصف أهل الضيعة أقرباء خاله وأمه.

لكن  هو كان يبحث عن ليلى  دون سواها...

عندما جاءت،  كانت ترتدي  ثوبا أزرقا بسيطا، لكنه ناعم يظهر جمالها الانثوي.. وتضع حمرة شفاه لطيفة، جعلتها ساحرة،  قال بالفعل هذه الشابة  سوف تحرك قلبي المتجمد ...

سلمت ليلى  على جميل، وأحست الصبايا بأن ليلى هي من اختارها الدكتور  لأنه اهتم بها اهتماما مختلفاُ...فانسحبن الواحدة بعد الأخرى.

صار جميل ينتظر  ليلى عند نبع الماء كل مساء يتحدثان وكانت الفرحة تملأ قلبيهما قال لها ذلك المساء   بعفوية أطفال: لأول مرة أحس بأن لي قلب ينبض، كنت متصوراً بأنني بلا قلب ... لأول مرة أحس بأنني مشتاق لاحداهن، لأول مرة أكون سعيداً برفقة صبية جميلة أنتظرها بشغف، لأول مرة لم أنم وبذهني صورة فتاة  مرسومة في قلبي ...لأول مرة أرى القمر وأعرف كم هو  جميل...

قالت مازحة هو جميل لأنه  يشبهك يا جميل... وضحكا ضحكة عاشقين...

بعد أيام  ذهب أبو عبود والدكتور جميل يزوران أهل ليلى...وكانت ليلى تعرف سبب الزيارة وقلبها يكاد يطير فرحا من مكانه...

بينما كان الجميع يرتشفون القهوة رن موبايل الدكتور، كانت امه تسأله متى ستعود  لأنهم لا ينفكون يسألون عنك في المستشفى...

أخذ أبو عبود الموبايل وقال لأخته، اختي جميل لن يعود الآن،   انتعش قلبه في ضيعتنا...  تعالوا جميعا لنقيم  العرس  للحلوين.

بقلمي: عبده داود

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :