واقع غريب
بقلم الشاعر محمد أبو رزق
غريب يا قوم ما صرنا إليه
وأغرب منه الذي نحن فيه
لم يعد لنا شيء نفرح له
ولا ما نحزن عليه ونبكيه
ماتت الأحاسيس في القلوب
لم يبق إلا إنسان ينظر بعينيه
فقدنا الذوق في كل شيء
وكل ما تراه أعيننا تزدريه
ما عادت نفوسنا تقنع بالبسيط
ونملّ الثمين إذ نملكه ونشتريه
حياتنا أضحت مجرد عبث
لا نبحث إلا عن اللهو والترفيه
ماتت الإنسانية في دواخلنا
ومات فينا الضمير فمن يحييه
ترى المرء منا وهو في ورطة
والناس حوله تصور آخر مآسيه
يستصرخ القوم وقد بح صوته
ولا من ينقذه أو يمدّ له أياديه
فقدنا المصداقية في فعلنا وقولنا
من منّا الراشد ومن منّا السفيه
كل يرى أنه على حق وصواب
كلّ يفتي ويقول أنا العالم الفقيه
قطعنا حبل التواصل فيما بيننا
لاوقت للإنسان مع أهله يقضيه
شغلتنا فتن الدنيا عمّا حولنا
جالسون وعقولنا تسبح في التيه
فرّطنا في تربية فلذات أكبادنا
جيل ضائع من يهتم به ويربّيه
أبناؤنا خرجوا عن طوع أيدينا
تاهوا في حلقات الشك والتمويه
بخسنا قيمة الأخلاق وفضيلة العلم
قتلنا التعليم وأفرغناه من معانيه
مات عصر الكتاب وعهد القلم
وجمد فينا التفكير فلا شيء يحييه
راح زمن البحث في بطون الكتب
حتى المصحف ضغطة زر تكفيه
كل شيء أصبح في عالم الخيال
والواقع أضحى حلما ولا من يبتغيه
لا نلوم زماننا إنما العيب منّا وفينا
لم يتغير الزمان بل من يعيش فيه
محمد أبورزق