مزمور لأحلام موجوعة
بقلم الشاعر محمد الفضيل جقاوة
يحاصرني الحزن شوقا إليك ..
إلى همساتك عبر الأثير تشق سدوف السكونْ
إلى كلماتك تبعث وقت الغروب فراشات بشر
يطفن عذارى بنصب الحنينْ ..
و أوغل في لجج من وجوم
أسائل عنّي سدوف الظلام ..
و أصرخ في جنبات الوهاد : أنا من أكونْ ؟؟
أنا يا حبيبة قلبي حطام تكوّر عبر القرونْ
و لما يزل يجرع الصمت خوفا من الأعين السّاريات ..
تجوب الأزقة ليلا ..
تطارد كلّ غويّ خؤونْ ..
يبارك سطوتها حاكم عربي أمينْ ..
أباح لأجل البلاد ومجد البلاد اغتيال العباد
أباح دماء الألى انتفضوا مارقينْ ..
ينام و يصحو وليس له شاغل غير أمن البلاد ..
و رزق العباد ..
لأنه دون سواه المفوض بالوحي في كتب المرسلينْ
حبيبة قلبي أنا طللُُ بائس يجرح الحزن
في رده الصمت ..
يستف ترب الكثيب و لا يظهر الجوع ..
كي ما يقال كريم جواد هو الحاكم العربي
كغيث السماء ..
هو الواحد الفرد في وطن الميّتينْ
لقد كان لي ألف حلم ..
و ها وأدتها الكلاب بأمرِِ ..
دُجَىً وقّعته هنالك عاهرة
و استجاب لها الحاكم العربي القوي الأمينْ
أنا يا حبيبة مذ كنت في رحمي ..
قبل مليون عام
تنفّست عشق العروبة ..
أسكنتها القلب نبضا ..
و بايعتُ ربّي على العشق دينا الى أبد الآبدينْ
أنا قد شدوت مواويل عشقي
ببغداد قبل ألوف السنين
أنا قد همست قوافيَّ مجدي الى دجلة الخير ..
نضّدت أحلاميّ الرائعات سلال ورود ..
وضمنتها أحرفا تعبر النهر ولهى
الى إخوتي العرب الآخرينْ
أترجم حبّا تجذّر في مهجتي مذ توهّج وحي السماء
يباركنا جسدا واحدا سيّدُُ قرشيّ
إذا ما اشتكى منه عضو تداعى له الكل حمى
و سهدا يرينْ ..
أنا يا حبيبة قلبي العروبة عندي لسان ..
و قرآن فجر يمجد موسى وعيسى ..
و مريم في خلوة الوضع تخشى أذى الفاسقينْ
وهدي رسول كريم ..
أزاح سدوف الكهانة عن أعين الجاهلينْ
و أرسى ببكّة نور اليقينْ ..
و نوتات ناي لغير أنامل زرياب لا تستقيم
و لا تنفث الشّوق في زفرات الشّجونْ
ولامية ردّدتها المفاوز ..
تستر قافلة تحمل الموت أطراف سوفِِ ..
الى حيث أسد الشرى
يعشقون لأجل الرّبوع كؤوس المنونْ
و نائية في بلاد القبائل مجّدت الفتح و الفاتحينْ
و غنّت لعقبة موّال حبِِّ
فكانت بذلك في زمر التابعينْ
و أطفال حارتنا يخرجون لطلّة غيم
يغنّون للنوء ..
كي ما تصبّ فتسقي الحقول
و ترفع بعض العناء عن المتعبينْ ..
أنا يا حبيبة ..
كنتُ و لمّا أزل ناصريّ الهوى ..
أشتهي الموت في باحة القدس نصرًا لدينْ
و كنتُ و لما أزل أعشق الموت ..
أجلي عن اليمن الحرّ شرذمة المعتدينْ
لشام النّشامى غرام تأثل في مهجتي ثائرا
كغرامك لا يستكينْ
لجرعة ماء من النيل لمّا أزل ظامئا ..
يستبيني إليك .. إليها الحنينْ
اذا ما اشتكى في بلادي الكبيرة ربعٌ ..
يمزّقني القهر ..
يهصر ــ رغم التّجلّد ــ دمعي الهتونْ ..
لكم كنت أعشق رسم الخدود و رسم الصّدور ..
و رسم العيون الجميلة تومض في الأفق شمسا ..
فيولد منها صباح بهيّ يغطي الحزونْ
و أرسم خارطة الوطن العربي الكبير ضفائر فاتنة
تزدري حين تمتد وهم الحدود
و تهزأ من جمركي يطيع على مضض أمر سيّده
السامريّ الهجينْ ..
و أرسم كنتُ متى أختلي رجلا يمتطي الصافنات الجياد
و يمتشق البرق سيفا ..
يصدّ عن العرض شرذمة المعتدينْ
إذا ما دعا للنفير استجابت له الأرض ..
فالأرض تصغي إذا ما دعتها العروبة ..
تعشق ضاد العروبة سحرا ..
ترتّل قرآنها كلّ فجر ..
و من ذا يصيخ لها ..
أتسمعها كوم الميّتين ؟؟؟
حبيبة قلبي بعينيك همت ..
بوحدتنا العربيّة همت ..
و غنّيتُ أحلى المواويل أدعو إليها ..
إلى طاعة الله في وحدة الصف قبل انقضاء السنينْ ..
و كنت إذا ما خلوت بليل الشتاء على صفحات العيون
أسائل هانئ كيف له التأم العقد ..
كيف بذي قار ردّ فلول الأعاجم
أنقذ كلّ العواتك ليث عرينْ ؟؟
و كيف لشيبان لبّى ألوف من الخلّص الطاهرينْ ؟؟
أسائل ساريةً تعبر القفر ..
تدعو الى الله ضارعة لا تلينْ ..
أسائل خولة كيف استجابت لداعي السماء
فكانت شهابا على الكافرينْ
أسائل ميسون كيف ترى أرخصتْ ذات غزو ضفائرها الدّاكنات
و كيف لمجد العروبة عجلى أماتت أنوثتها ..
كيف هذا يكونْ ؟؟
و أحجم حين أيمّم صوب مقام النّبي حياء
فماذا أقول و كيف أسائل نور الوجود ..؟؟
أنا قبل لقياه تصعقني رجفة من معاص ..
يغيب الكلام ..
و تهمي ــ تنوب الكلام ــ الدموع ؟؟
.
محمد الفضيل جقاوة
25/02/2021