تحية عطرة
قصة قصيرة بعنوان : " غيوم-com"
تتسابق الرموش لعناق بعضها بعد يوم حافل من الشُّخوص والترقُّب ... يُرخي الليل سدوله و تتكاثف الحُمرَةُ لتغطي الأفق ، آهات حُبلى بالأسى و الفزع ، و تنهيدات متقطعة ... ترفع تنورتها قليلا لتواريَ بها جسمها النحيل ، وهي تتوسد ساعدها وقد بلغ الإرهاق منها مبلغا !
طقطقات الحذاء في الممر ، ولكن أيُّ ممر! إنه ممر الأسرى و المعذبين في الأرض ! يدق الضابط على باب الزنزانة ، وقد رسمت أساريرُ وجهه ابتسامة زائفة _ تعكس حقده على البراءة_ ويقول بصوت مبحوح ، والسيجارة كأن دخانها نار لظى تزكم منها الأنوف الطاهرة: " هيا ...يا صغيرتي حان وقت العَشاء " ، تنظر إليه باحتقار و تبادله الابتسامة : " يا هذا _ ولم تنادي عليه بالضابط_ لا أستطيع المجيء ، لأنني لا أرى وجهك المُكتحل بسواد اللعنات ، و دخان جهنم المنبعث من فيكَ!" ... ذُهِل الضابط من ردها و قد تملكته رِعشة ، ثم رمى السيجارة و تلعثم ثم قال : " وهكذا هل ظهر لكِ؟! " ، تأخذ الصغيرة نفسا و تتأوه ثم تجيبه قائلة : " عذرا ولكن لا زالت بقايا اللظى تحيط بوجهك ، ولا أستطيع معرفتك حتى أغتسل بماء الحرية ! "
بقلمي الأستاذ : سيد علي تمار