( متى يابيت تبتسم )
--------------------------
قد كان بيتي قبل اليوم يعرفني
وحين يسمعُ صوتَ الباب يبتسمُ
كأنّ جدرانَه مرآةُ فرحتِنا
إذا رأتنا على البسمات تبتسم
واليوم باتت به البسماتُ دمعتَنا
كأنها من شفاه الأمس تنتقمُ
تجري على صفحة الخدّين جارفةً
ما ظلّ بالوجن من طرفها يَسِمُ
كأنّها الدِّلتا في العين منبعُها
والحزن في الخدين لونُ ما يشِمُ
حتى إذا فاضت عن ملء فرعَيها
راحت على ضِفَّتيٍ الثغرٍ تلتحمُ
كأنّ جيشَ الدمع احتلّ بسمتَهُ
وخاف يوما يبقى في فمٍ رحمُ
مهما نحاول رسم البسم في شفةٍ
يصادرها دمع بالحزن يرتسمُ
ما عاد يخجَلُ من تذكارنا دمعٌ
وقد بدا في شقوق الخدِّ يبتسمُ
أشجارنا - عشقا للأرض- تُسقطنا
تشكو لها فقدَ جدوانا وتختصمُ
عند الخريف توَفّي الأرضَ حسبتَها
تلقي إليها ما استحقَّ ينعدمُ
لم يرحموا ماهوى بالهدم من طفل
ورأسه في رؤوس الصخر ترتطمُ
حيّا تقاذِفهُ كأنما كرةٌ
أشلاؤها بين الأحجار تحتطمُ
يا ضعفَ ما أبداه العُربُ من غضب
والنار في علَنٍ بالصدر تضطّرمُ
وفي دمنا بحجم النار من غضبٍ
نحيطه جبنا - فربَّ ينكتمُ
وفي يدنا لنَصرِ الحق آلاف
لكنها عند الغزوات تنقسمُ
كل يواري تحت الحرف عورته
والحرف إذ ودّع الأعتاب يحتشم
على مسارحنا - كل بها بطلٌ
والجمهور بشأن الكلِّ منقسمُ
تقاسموا بالله - العهدُ للأقصى
و من سواهم لعهد الله يحترِمُ
حتى أشارت يد الأقصى بأن وفّوا
فما نفروا لغوثها - ولا ندموا
لا تقبلوا عذرا - زهورَ غَزَّتنا
لا عذرَ يمحو سبّةً بمن أثموا
دماؤكم أطهرُ من حرف حُجَّتنا
ومن قِممٍِ لديها الذّاتُ تنفصمُ
غدا - تُوارينا الأيامُ نادمةً
أن صَدّقت يوما من ليس يعتصمُ
سَتَبْرأ الأرض الطهورُ من فمنا
وينبت من دمِ الزّهرات معتصمُ
---------------------------------------------
( عبد الحليم الشنودي)