قصة قصيرة : ( تحاليل خطوبة )
بقلم / السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر
----------------------
استقل سيارة أجرة متجهاً صوب المدينة و ركبت بجواره فتاة ووسط صمت الركاب في الصباح الباكر ٠٠
نظر إلى أوراق في يديها ترتبها فعلم إنها تتقدم للعمل في مسابقة وظيفة
و كان يعمل في هذا المكتب من حسن الحظ ٠٠
و لم يخبرها بشيء من هذا قط ٠٠
و ظل يقرأ في صحيفة عن الاقتصاد و لم يهمس إليها ٠
وعندما أرادت النزول سألت السائق عن العنوان فالكل لا يعلم عن المنطقة لأنهم غرباء ليسوا من هذا الحي الواقع فيه عنوان المؤسسة الرئيسي ٠٠
فكانت في انتظاره سيارة حكومية عند الموقف ٠
فقال لها : ممكن تركبي معي حيث نمر من أمام هذا المكان ٠٠
فترددت و تلعثمت و تصببت عرقا ٠٠
فقال لها : مستطردا خذي تاكسي و أرشد صاحب التاكسي إلى العنوان ٠٠
و وصل مكتبه وإذا بها تجده هو الذي في مقابلة المتقدمين فخجلت ٠٠ و تبسم قائلا : حسنا ما فعلتي من طريقة احتراز حسب الأصول ٠٠
و أتى لها بفنجان قهوة فرفضت و شكرته ٠٠
و علمت أنه محترم و موظف له قيمته الكل يقدره ٠٠
لكنه يبدو عليه ملامح التدخين بشراهة برغم وسامته و أسلوبه في التعامل و أناقة ملابسه ٠٠
فأعجبت به إيما إعجاب و تمنت أن يكون فارسها المستقبلي و شردت هنيهة ودار في خاطرها ربما متزوج ٠
وقد نظرت بدقة في أصابعه فلم تجد أثرا لدبلة الخطوبة أو الزواج فقالت في نفسها لعل انتزعها حتى لا يعرف عنه شيئا أو الكثير بات لا يعبء و لا يكترس بهذا من بعيد أو قريب موضة و عادة على الهامش ٠
و نسجت في خيالها الأماني و الشراك للحظات ، و أرادت أن تهم بالانصراف بعد تقديم ورق الاعتماد فسألته عن موعد النتيجة فأخبرها مبارك مقدما لأن هذا التخصص نادر و مطلوب و تنطبق عليك ِ كافة الشروط ٠
و طلب منها رقم الهاتف للتواصل معها عند الطلب فتبسمت و قالت في تلطف كل البيانات أمامك يا فندم ٠
فأجابها قائلا أردت التأكد ربما توجد عدة أرقام ٠٠
و عندما أرادت الاستئذان طلبت منه أن يقلل من التدخين حفاظا على الصحة ٠
فشكرها بصدر رحب سأوعدك قريبا ٠٠
و وصلت إلى مدينتها فرحة مسرورة بالقبول المؤقت ٠٠
و عندما أخبرت أسرتها بذلك انقسم الجميع فريقين فريق مهنئاً و آخر يقول هو بيرسم و يتجمل ليُعطي لنفسه منزلة أكبر من حجمه ٠٠
و في يوم الجمعة التالي وصل إلى بيتها قُبيل صلاة الجمعة و بشرهم بالنتيجة و طلبوا منه أن يمكث هنا يصلي و يتناول الغذاء معهم فقبل هذا ٠٠
و بعد نقاش و كلام حول الحياة و السياسة و الدين و قضايا المجتمع و أخبار الأسرة و لا سيما فقد تناولوا التدخين وأضراره إسقاطا عليه بطريقة مهذبة ٠٠
و بعد هذا الحديث المتشابك يطلب التقدم لخِطبة الفتاة ويسألوه لماذا تأخرت عن سن الزواج بضع سنوات و ظروفك تبدو ميسرة ٠٠ ؟!٠
قال : النصيب ٠
و بعد المغادرة تشكك الأب في سلوكه و بفراسته تيقن إنه مدمن مخدرات أما أي سلوك إضافي فهو بريء منه ٠٠
و تمضي الأحداث و تتم الخطوبة و يطلب الأب منه أن يقلع عن التدخين فيستجاب لهم ٠
و لكن أنى له و الإرادة مسلوبة ٠٠!٠
و الفتاة تقول لوالدها سيمتنع بأذن الله تعالى في تحدي ٠٠
و لكن استمر الشاب في التدخين و تمادى بلا عزيمة بعد أن قطع على نفسه عهدا و مواثيقا ٠٠
فقال الوالد في المجلس لقد نذرت أن أجري فحص و تحاليل قبل عقد القران لأي متقدم خاطب حفاظا على العلاقة و العشرة مستقبلا و رفع الحرج فيما بعد حتى لا يعلم إنه المقصود في القصة !٠
حيث الوالد كان مدمنا من قبل و أنفق جل ثروته على التعاطي ٠
فخشى الشاب بعد أن أخبروه بذلك من قبل و من ثم استجاب للرغبة بصدر رحب ٠٠
و لكنه توجس خيفة أن يبوء بالفشل فيما بعد و لا يستكمل مراسم الزواج ٠
و للأسف قد طلع التحليل إيجابي و تعقدت الأمور ٠٠
و أوشك الأمر و اللقاء على الانتهاء لكن الفتاة أصرت و تشبثت به وقطعت على نفسها يقينا إنه سيقلع في الأيام المقدمة و أن الحب سينتصر فهو أحسن علاج يتداوى به
وهنا راجع الشاب نفسه وطلب من أبيها أن يمهله فرصة ثانية ٠٠
و قياسا على ما مرّ به الوالد يتحقق الحلم ٠
و بعد شهر قد ابتعد الشاب عن التدخين حياء منه و تلبية رغبة الفتاة المتمسكة به و التي اختارته في اختبار أمام الجميع ٠
و فعلا تم له هذا وطلب من والد خطيبته أن يعمل مسح شامل لكافة التحاليل أثناء عقد الزواج كي يطمئن الكل و ظهر جليا و تحققت النبوءة تارة أخرى وصدق و كانت النتائج سلبية و كأن شيئا لم يحدث حتى التدخين و لا سيجارة واحدة بعد اليوم ٠٠
إنه سحر و مفعول الحب و الإرادة و التحدي و العزيمة و عدم مخالطة قُرناء السوء و التحلي بالفضائل ٠٠
و هنا سعد الجميع بالابتعاد عن طريق المخدرات و لذا كان لزاما عليه أن يفهم أن أسرة خطيبته محافظة ٠٠
و عندئذ ٍانتصر الحب ٠