مؤامرة ومأساة
إن لحظَ المغيثِ تُفشي مكائد
نَهِمَاتٍ مُشمِّراتِ السواعدْ
وابتساماتهُ تنثُّ وعيداً
والتفاتاتُهُ إشاراتُ صائدْ
أعلفَ الأُخوةَ الشقاقَ وأحيا
بينهم من نزاعهم كُلَّ بائدْ
إن غدا ذمَّ خالداً عندَ سعدٍ
وإذا راحَ ذمَّ سعداً لخالدْ
وسعیٰ بينهم بثوبِ نصيحٍ
وهو إبليسُ يرتدي ثوبَ زاهدْ
وأمانِيُّهُ الخبيثةُ تُلقِي
تحتَ رجليهِ كنزَهم والمواردْ
أولم تأتهِ أحاديثُ شَرْقَیٰ
أصبحوا قبلهُ ضحايا الموائدْ ؟
جرجرتْهُم أطماعُهم لهلاكٍ
كفراشٍ تهافتتْ في المواقدْ
هو ذا يحبُكُ المكائدَ لكن
إنما كاد نفسَهُ كلُّ كائدْ
وانبروا مُحنَقِينَ تحتَ لواءٍ
مثلِ عرضِ البغيِّ كلٌّ يجاهدْ
وغدا الرشدُ بينهم كدخيلٍ
فضحوا غِشَّهُ يدسُّ المفاسد
ومشیٰ الغِشُّ بينهم يتمطَّیٰ
حادياً خلفَ ظهرهِ كلَّ راشد
والحماقاتُ لا تطيعُ نصيحاً
صادقاً أو تشكُّ في صدقِ فاسد
فإلی أين يُدلِجُونَ سُكاری
وعماهم لهم دليلٌ وقائد ؟
وإلی أين يقصدون وأعمیٰ
حمقُهُم عنهمُ جميعَ المقاصد ؟
هل يهدُّون مجدهم ليشيدوا
مجدَ غازٍ فقيرِ مجدٍ وحاقد ؟
كيف يرضون أن يكونوا رَكُوباً
لِرَكُوبِ المنافرينَ الأباعد ؟
عزَّةً يبتغون عندَ ذليلٍ
كيفَ يُعطيهم الذي هو فاقد ؟
ألِصونِ السيادةِ اليومَ جاؤوا
ما خلاهم بكلِّ ربٍّ وسائد ؟
أيُّ شيءٍ سيستفيدونَ إن هُم
نفلوا الطامعينَ كُلَّ الفوائد ؟
كيف أصغوا إلی نعيبِ شتاتٍ ؟
إنما هم غصونُ والجذعُ واحد
من يضرُّون يسفكون دماهُم
ويَفُتُّونَ لحمَهُم للزوارد ؟
يعبُدون الرؤوسَ منهم وكُلٌّ
هو للطامعينَ في القومِ عابد
أيها العابدون للعجلِ كُلٌّ
مستحِقٌّ بجُرمهِ ما يُكابد
أفعجلُ الغزاةِ يُمسي إلهاً ؟
أين ولَّتْ عقولُكم يا أماجِد ؟
لم تَمِيْزُوا وجهَ الصباحِ من الليلِ ولا الفحم َ من عيون الفراقد
ما صنعتُم بتضحياتٍ جِسامٍ
ولمَ مخْرُكم عُبابَ الشدائد ؟
خسر البيعُ يومَ بعتُم دِماكم
للذي باعكم بخمسِ حدائد
أيها الأمنياتُ كوني تراباً
إنما تنتظِرنهُ غيرُ وافد
جمدَ الدمعُ في عيونِ اشتياقي
كرُعافٍ علی البلاطةِ جامد
إن آماليَ العِظامَ تلاشتْ
داخلي كالدخانِ أو ظلِّ مارد
هاأنذا وما أراقبُ ممَّا
أرتجي مثل ساهدٍ عندَ راقد
ومن اليأسِ لائذٌ بطموحٍ
يتغابیٰ كأنهُ وجهُ جاحد
تلكَ أحلامي الجميلةُ بادتْ
من حشا والدٍ إلی لحدِ وائد
وهنا الخوفُ أحمرُ العينِ جاثٍ
مُطمَئنَّ الفؤادِ والأمنُ شارد
وأسیً صادقُ الوعيد وبِشْرٌ
غيرُ موفٍ لنا بما هو واعد
وهنا ما يردُّ غارةَ جُوعٍ
غيرِ مُسْتَعْتِبٍ وغيرِ مُهَاوِد ؟
حاصداً أنفسَ اللذينَ (رُباُهم)
جدعتْ أنفهُ بشتیٰ الحصائد
وهنا ينظر الخلاصُ إلينا
نظرَ الإنتقامِ وهو مُحايد
وهنا الفجرُ مثلُ شيخٍ ضريرٍ
ما لهُ في ديارنا من مُساند
والظلامُ العزيزُ أنفذُ أمراً
في حِمَیٰ قومِنا وأكثرُ عاضد
يستغيثون من سعيرِ غشومٍ
توَّجوهُ وألبسوهُ القلائد
ويئنُّونَ من وباءٍ عُضالٍ
ويكيلُونَ للوباءِ المحامد
ليت شعري كيف الصعودُ فإنَّا
قد رسبْنَا في القعر تحتَ الرواكد
ليتَ شعري كيف الخلاصُ فإني
لا أری للخلاص فينا مُناشد
هذهِ سيئاتُنا لا سوانا
إننا نستحِقُّ هذا وزائد
بقلمي :هلال مفرح المرصبي