**تخوم الذاكرة تتوهّج**
تضجّ نفسي بألف سؤال حارق
فلسفة الأجوبة أصابها العقم
أفلاطونيات الزمن الغابر
شدّت الرحال نحو المقابر
وصرنا أجداثا هامدة لا تفكّر
وأقلاما فارغة بلا محابر
المنطق الأرسطي علّبوه
بل أعدموه كساحرات الغرب في ساحة عامة
يا لها من طامّة
تؤلمني حكاية طفل انتزعه مارد الفقر من حضن أمه
لم يبق منه سوى شاهدة قبر
تتوسّدها المكلومة كلّما تاقت نفسها للنوم
جامدة كما الصخر الأصمّ
وزمّ دمعها
وتاهت في الزحام فاغرة الفم
سيدتي ..
أنا وطن مستوطن ولست سوى عابر
تنتظم أمنياتي مسبحة من الياقوت الأحمر
وبعض النوى
وحبات عنب جافة
وفي نومي أصنع امرأتي
وانام في حجرها بنقاء طفل حديث الولادة
تشتهي نفسي تفاحة محمومة بلظى شوق شرقيّ
وبعض نبيذ معتّق في زجاجة سابحة
وسمكات حمر يقدن مساري
ونجمة تاهت عن سربها أعلّق عليها آمالي
تقود عتمة ليلي وضياء نهاري
بعض أحبابي لفظهم الخريف
تساقطوا وتناثروا كحبات مسبحة انقطع خيطها الناظم
غادروا دون وداع
دون ملامح ودون قناع
وبقيت ذكراهم وشوما تلهب الماضي والحاضر
الحياة مجرد درس
والدرس قاس
والعيش امتحان ومآس
احفر في عمق ذاتك
ستجد خيامهم منصوبة على تلال قرطاجنّة القديمة
امّا جيوشهم فكانت تحرس غار نمل يخبئ ذكراهم
كنت أعدّ أسراب النمل وأخطئ دائما
إما لأنني لا أحسن العدّ
وإما لأن وجه حبيبتي يطغى على المشهد
ابتسامة واحدة قادرة على إشعال فتيل حرب الأربعين
وحضن تؤمّه لاجئا
يذيب جليد القطبين
ونغرق جميعا منتشين بانكساراتنا وعاهاتنا
ولكنّ الطوفان سينبتنا في بيئة أخرى
ونزهر في فم الطفل المقبور
وندندن سيمفونية الخلود لتنام تلك الأم المكلومة
ونعيد نظم المسلحة بنوى التمر
بقلم: الأستاذ : عبد الستار الخديمي _ تونس