سنابك الرحيل
رحلت ضحى و وافيت الغماما
وعدت لضفة الهاوي رهاما
وناديناك أن بين علينا
فوزعت الرؤى فينا مناما
وأودعت الحقائب في بدور
وسرت إلى منازلها ختاما
وأسلمت الشواطئ ﻻغتراب
ولحت يدا نقبلها احتراما
وكنت لسهد باصرتي رسوﻻ
مضيئا فاستبحت به الظﻻما
لهيب الشوق أغرقني شجونا
فغاص محاره موجا وعاما
تواسي النفس خداعا ولكن
أمطت اليوم عن جرح لثاما
وإن بللت أصداء المنادي
فقد أججت حنجرتي احتداما
أشق الدرب سعيا في طوافي
وبيت الشعر فرقني ازدحاما
وأصنع من ثلوج اﻷمس شكﻻ
لتمثال يذوبني تماما
وموت لم يعش أبدا حياة
على حسد ينازعنا انتقاما
وما سأقول في نخل توارى
فصلى وحده ظلي إماما ؟!
فمهما جدت قوﻻ وابتداعا
ألملم نثرة الواري لماما
نشرت رماد أوردتي لريح
فراتي تنفسها مساما
سأقعد خلف أقداري رقيبا
وأقواسي أكسرها سهاما
أزف الضلع تلو الضلع شعرا
وما يبقى أطيره حماما
وعند مرورك العطار فوحا
أقام المسك في كتبي اعتصاما
مصابيحي أزيتها بدمعي
أري عيني لواقدها ضراما
تناجيني عناقيدي بكرم
فأسكب كأس عاشقها جماما
ومن وجد إلى ورق عبورا
إلى شفة أقطرها مداما
جرت فيه القوافي حاديات
تعالى فوقها قلمي سناما
وللأشجار أجفان و حلم
وفاكهة تتوجها احتﻻما
نبادل أفقنا ريشا بريش
ومن وسن نوسده نعاما
هناك وراء خلق الغيب روح
تباركنا لبسناها مراما
نبخر سائل الكلمات غيما
ونشرد في خواطرها هياما
سأترك كل معنى لم يعمد
ولم ينجز بشرياني اقتحاما
ونجمك فوق عيني فوق قلبي
أعلقه على صدري وساما
قطفت زهورك الخجلى صفاء
وقابل ناطر الوعد الحماما
تبرج بالفتون بكل لون
وزرر معطف الموت احتشاما
ولو شيدت بالسنوات برجا
تظل بعين أدهره غﻻما
فﻻ تنكر غدا إن جئت طيفا
من الدنيا وأقرأني السﻻما
أنا *محمود من سرب اﻷماني
قبست من السما سحر الندامى
وماينبيك أني من عظام
وقد جاوزت في السفر الرماما ؟!
سأرسل خطوتي قبلي أمانا
وأحمل درهمي الفاني عﻻما
تذكرني وما بالعهد تنسى
تضف للود فوق اﻷلف عاما
تذكر منبر المجنون شعرا
وساقي الحرف تفديه النشامى
يغيب الشمع بالتدريج عنا
ونعلي خلف إصبعه الخياما
مضيت ولست تمضي يا أنيسا
لمحت بظله الثاني اﻷناما .
مهداة إلى روح الشاعر محمود العضل .
محمد علي الشعار
3/3/2018