بقلم الشاعر سمير بن فرج
هجرت القصور و الأحلام عزّا
فجلست على الأعتاب و الأطلال
وقلت إنطوت حياتي ألما و أحزان
كنت بالأمس عصفورا يطوي السماء
واليوم أراني سجينًا مكسور الفؤاد
عهدت الصمود و عن وعدي تراجعت
فكيف لي أن أنسى ما مرّ بى
و أني لم أكن أعلم ما سيمرّ بي ..
عجبت من أمري حين أدركت الحقّ
و لم أكن أبدا لأهب حياتي زُلْفا
و ها أنا أقصّ على مسامعكم كلام
ذات ليلة في سوادها عتمة و نجوم
هبّ نسيم يخرّ له القلب سجينا ..
فداعب القمر مشعا أطياف السماء
و اختلت العصافير أوكارها مسرورة
الى أن لوّنت غيوم داكنة الوجود ...
فكان العتاب المحل الأوّل ألما ..
و البقية للحزن في المحل الثاني
و إشتدّ البكاء و الوجع و الصّدود...
ثلاثة يحكمان الفؤاد و دنيا الوجود ..
في ليلة خُرقت فيها كل العهود
رحل الصبيّ في صمت و حرقة
غير متلبّس من الدنيا بأي شئ
سوى قميصه الذي قُدّ فوق كتفه .
و ثانيهم قد تركهم في العتمة ...
و عزم التخلي عنهم و عن الوجود..
و ثالثهم رفيقٌ في الصحو و المنام
و رابعهم شعاع ينير لهم الطريق ..
صبيّ تنهلّ عبراته دما على خدّيه .
ينادي صدحا و ما لندائه مجيب ...
تائه بين الأشجار و قطرات الندى..
غريب في وجوده دخيل عن المألوف
مسكين يجرّ قدميه حافيا لا مباليا ..
فالقلب قد إنكسر و الفؤاد إنكوى ...
عجيبٌ أمره بين السهد و الحيرة ..
كئيب لم يعد يجيد العزف و الإنشاد
و قد دُكّت أوتاره إنقطاع صميم القلب .
صبيّ صغير يبكي وقد مسّه الضرّ
فيا مغيث التّائهين أغثه برحمتك ..
وصل الصبي عند الشّروق قبرا ..
عليه نقوش و ورود جفّت عروقها ..
فقال أيا ورودا من أيبس حُمر ورودك ..
و إفترش القبر و إشتد نواحه ....
على كل ما مضى عليه في ليلة ..
قُدرت مقدار نيّف و دهرٍ نهايتها القيامة...
الشاعر سمير بن فرج