زيتونةُ الحنين
بقلم الشاعرة إيمان مرشد حماد
فوقَ روابي الذاكرة
تتربعُ زيتونةُ الحنين.
تحملُ الحبَّ أخضرَ
يصقلهُ الأنين.
يهزمُ الريحَ،
يدفئُ برودةَ المنفى.
يقتلُ الخوفَ في رحمِ الغربة.
آهٍ يا زيتونةَ الرُبى
كم أدمتني أشواكُ التشردِ
في فيافي الانتظارْ،
حيث تسرجُ خيولُ الليلِ بالجنون،
ويسافرُ الغرباءُ في ذاكَ القطار.
يسافرون ليطأوا الحبقَ والزيزفون،
ويغلّقوا الأبوابَ
ليذبحوا بقايا البراءةِ في عروقِ السوسن.
آهٍ يا زيتونةَ الرُبى!
منك أضعُ الزيتَ في فتيلِ الذاكرة
لتكتظَ بالصورِ.
وليدٌ لوّنَ بالدمِ سطحَ القمر.
شيخٌ وشّى بالصِبا ملامحَ القدر.
يا زيتونةَ الحنين:
أرسلي جذورَكَ في ضفافِ القلب.
ضمدي مني جرحَ النسيان.
وانزعي عن تلك الرؤوسِ تاجَ شوكتِنا،
وازرعيها بأزهارِ البيلسان.
يا زيتونةَ الرُبى:
لا تتركي الشوكَ يلفُ أعناقَ الزيزفون،
وينزعُ العبقَ من زهرةِ الليمون،
فعندما يكونُ ما كان.
تصمتُ الناياتُ تحتِ وطأةِ الأسى
وتنفصلُ أجنحةُ الفراشات.
فكيف تطيرُ نحوَ النور؟
أَمْ تُراها ستصدقُ أسطورةَ القداسة
كلما وشّاها الغزاةُ بالحكاياتِ القديمة،
والوعودِ الغابرةِ
منذُ عهدِ عادٍ
والأممُ المسافرةُ في نسيجِ العنكبوت؟
يا زيتونةَ الحنين:
لا تهجري مواطنَ الذاكرة
فتصفرُ فيها ريحُ الخواءِ.
واحمليني في ذاكرةِ الزمان
حبقاً يعانقُ ضفافَ الوطن،
هُدهداً يحملُ بريَد العُشاقِ
إلى حيثُ تسكنُ الروح،
وتغفوْ بين ذراعيّ الاشتياق.
يا زيتونةَ الرُبى
لنْ تُمحى من ذاكرتي أوراقُ الصفصافِ،
رغمَ قسوةِ الغرباءِ
وغورِ الصورِ في حنايا العقل.
لِمَنْ نصنعُ القهوةَ في الأُمسيات
إنْ لم نسكُبها في انتظارِ الأسرى؟
لِمَنْ نصنعُ الخبزَ بخميرةِ الأمنياتِ.
نشتمُ جلدَ أرضنا
ليأتي أحمدٌ....وعليٌ
وعلى أثرهِم اسماعيل وزيد،
وفي أقدامهم سلاسلُ المجدِ
ورهبةُ الفِراق.
تاركينَ الخوفَ للجلادين
القادمينَ مِنْ رَحِم الأسطورة.
فلهم الخوفُ
ولنا الحُّبُ والأرضُ والحنين
لنا الشهدُ،
ولهم لهيبُ الجرحِ والطنين.
يا زيتونةَ الرُبى:
رغمَ ما كانَ وسيكون،
سيبقى لنا الزيتونُ،
وعبقُ الزيزفون،
وبياضُ الأقحوان،
ونكهةُ العنفوان،
في فناجينِ الشاي المترعِ بنعناع الوادي.
لهم أمسياتٌ يضيئُها القلق،
ولنا أريجُ العوسجِ
ولونُ الحبق.
فاكتبي تاريخَ الدنيا-
يا زيتونةَ الرُبى-
وانسجينا ضفائرَ للمجدِ والإباء.
#بقلمي
#إيمان_مرشد_حمّاد
#فلسطين