لحظة فارقة
محمد أبورزق
سرت وقلبي يسبقني إلى هناك
إلى حيث تعودت لقياك
كان الجو كئيبا وماطرا
زخات رتيبة بغير انقطاع
وفجوة عميقة لمرور الرياح
القطرات تغسل وجه الأرض
ووجوه غريبة عابرة
تحثّ الخطى في إسراع
وحدي أقف جامدا
مستندا إلى جدار الذكريات
وجهي يغسله الرذاذ المنهمر
كأنه ينوب عن دمعي المتحجر
وأنا أبحث عن شيء ضاع مني
عن حلم كان بالأمس يداعبني
عن أصداء فرح قديم
عن حضورك الذي كان يملؤني
عن صوتك الذي كان
يضج في كياني
عن وجهك الذي يؤثث المكان
ويبعث الفرحة في زماني
غير أنك هذه المرة
لم تكوني هناك
كل الأشياء كانت واجمة
تقول في صمت
لست هناك
كل الأماكن توحي بأنك رحلت
هكذا دون سابق إنذار
وأنك لست هناك
وتملكني الدّوار والإعصار
كان الموقف صعبا وقاسيا
وأنا أعيش لحظة فارقة
بين الأمس والآن
نقلة غريبة حولت مساري
غيرت الحقيقة إلى مظان
وتمر اللحظات حارقة
تذكرني بما كان
وأظل شاردا في مكاني
يلفني صمت البراري
لم يعد للورد عطر
لم يعد في القلب شعر
كل ما حولي سراب
ضباب ويباب
لم تبق إلا شظايا أمنيات
أرى فيها انكساري
لم تبق منك إلا بقايا ذكريات
تزرع الأسى في قراري
وهديل في القلب يذكي مشاعري
وصهيل الروح يعلو
وأشواق راعشات في خاطري