عرفت الصبر في كفّيكِ يا ليلى
محمد حسام الدين دويدري
==============
سألت الليل عن ليلى
فقيلَ: "زمانُها ولّى
فلا تركضْ وراء سراب
من درسوا كمن ضل
ا
ليلقى لسع ما يجني
ويشقى حيثما حلا ّ
فليلى قي مدى الماضي
شرودٌ يُذهِبُ العقلا
وأحلامٌ مزركشة
بوردٍ يحشد النَحلا
فلا ينجو من البلوى
سوى من مات أو كَلا
ّ
ألا يا شاعراً كالطير
ينظرنا من الأعلى
وعبر مسارب الأحلام
يُبْصِرُ شوكَنا فُلا
ّ
رويدَكَ لا تَكُنْ قَيساً
وصُنْ أنفاسَكَ العجلى
ّ
فكم من شاعرٍ سُمِلتْ
رؤى عينيه فاعتَلا
ّ
وكم من عاشقٍ حفر
الجوى مثواه أو ذلا
ذرونا من هوى سُُعدا
ومن قيسٍ ومن نجَلا
فلا مرحى لما حلِموا
بلا وصلٍ ولا أهلا
وأوّاهٍ لما خسروا
لأيامٍ ثوت حُبلى
فما ذاقوا صُنُوفَ العيشِ
بين رحابها الجُلّى
وما كانتْ أصابِعُهُمْ
بعيداً تنشد الحَلا
ّ
فهم من أضلعٍ خُلِقَتْ
تحبّ الغيث والوَصلا
وليس العيش غير أطايب
تُجْنى ولا أحلى
وغير وصال من تُنشيكَ
خمرة ثغرها الجزلى..."
رفعتُ إلى السما عَينَيَّ
أرجو العون والفَضلا
فقد ألفيتُ في صَحبي
جُمُوحاً زاد أو قلا
ّ
يرى في العيش جرف رحى
لقهر قلوبنا سُلا
ّ
و دحر صمود عزّتنا
بنارٍ تصهر النَصْلا
لنحيا عمرَنا الباقي
على شهواتنا السُفلى
ونسعى بين منهَمكٍ
بجمع المال قد زلا
ّ
وبين مضيَّع في موقد
الشهوات يتدلى
يرى في الجنس قوته
وينسى العهد والأصلا
تُحيطُ به أفاعي التيه
حتى يبلع الوحلا
ليَفنَى في مآسِنِهِ
ويبقى ذِكرُهُ جَهلا
****
ألا يا لائمي لولا
صلاح طريق من صلّى
ومن عاش التُقى وَرَعا
وحبّاً يُبْلِغُ السؤلا
لما جازت خلافتنا
ولا كنا بها أولى
نصونُ وصيَة الرحمن
في فرقانه الأغلى
ونسعى للفلاح كما
أراد الخالق المولى
فحلو العيش ليس سوى
عطاءً خالداً أبلى
به تسمو بيادرنا
ويبقى الروض مخضلا
ّ
وطيب العيش في الآمال
تنشر فوقنا الظِلا
ّ
لتحمينا من اليأسِ
الذي يُبلي ولا يبلى
****
أخي لا تُلْهِكَ الدنيا
وكُنْ لنمائها حَقلا
فخير الخلق مَنْ يُعطي
ومَنْ بالعلم قد هَلا
ّ
أرى ليلايَ في كَبِدِي
هدوءَ النفس والمُجلا
ففي يدها عزائمنا
يقينٌ يُنْضِرُ المَحْلا
هي الأمّ التي مَنَحَتْ
بلا شُحٍ ولا تُكلى
وأفنَتْ عمرها لكمال
أخلاقٍ هي الفُضلى
فلا تجعل عذوبتها
أُجاجاً خالط الرملا
بما ترميه من أشلاءِ
قَذْفٍ يُحْسِنُ الصقلا
وكُنْ مسرى عذوبتها
فقُُدْ بخصالكَ الرَحْلا
وكُنْ نبعاً من الإيمان
يُثري ماؤه النَهْلا
ترى ليلى لِما خُلِقَتْ
وترضي الله لا يقلى
فنبعُ الصبر في يدها
وخير خصالها المُثلى
..........................
الأربعاء 26/6/2002
من مجموعة: "مواسم الرحيق"