آلام في مرابض الأحلام
محمد حسام الدين دويدري
___________
١
باتت تؤلمني ذاكرتي في كلّ صباح
وأنا أصطاف بما يجتاح خيالاً ثكلته الأفراح
كانت تستوثق صورة ماض
تاه بأنصال ورماح
وخيولٍ قفز سنابكها برق ومواويل وصياح
ماض يتسامق في صخب
يتمايل فخراً بحكاياً
تسكنها أنّات وجراح
لتصوغ شؤوناً وشجوناً
وتصير ظلالاً للأرواح
كانت تستوطن أطلالاً
وحروفاً تحضنها الألواح
يقرأ صفحتها ألف خيال حرٍّ
طار بغير جناح
ومضى يستوقد أحلاما
واعدة تنبض بالأفراح
أحلاماً كانت تسبقنا
لتصوغ مواويلاً وصداح
تتبخر نكهة صيحتها
تتبدّد في العجز المجتاح
جمعت أنقاض ستائرها
ومضت في سبر أجهدها
لتحطّ رحال الوهم
وتنشر في يدنا ظلاً
مازال بعالمنا يرتاح
في أرض قفر
أمحلها الحزن المنداح
بين الأطياف المزدانة في شكل وشاح
أطياف كانت تسحرنا
بغلال وثمار وقداح
كانت تتسربل بالآمال ولاترتاح
لتحاول بذر معاولنا حَبّاً وفلاح
لكنّ العتمةأذوتها
وذرتها بين هبوب رياح
لتصير شقاءً وغلاءً
ووحوشاً ونفاقاً وجراح
٢
باتت تؤلمني ذاكرتي
تغمرني أرضاً وبطاح
تملؤني بحكايا كانت تأسرني
لتعود بإلحاح
تملأ أنفاسي بالأنسام و بالأنغام وبالإيضاح
لأعيد صياغة آمالي
وأنا أسترجع صور الماضي
المتناثر بين الأتراح
وأحلّق بين هبوب الربح
وبين تباشيرالإصلاح
بين شعارات حيرى
وسبات وصليل ونواح
٣
باتت تؤلمني ذاكرتي
وأنا أتفيّأ طيف البسمة
بين العتمة والإصباح
لأسائل نفسي: كيف تهاوت أحلامي
وغدوت طريداً للأشباح
يأسرني في العتمة خوفي
وصدى أشواق تسحرني
تتركني لصرير حروفي
لأصبّ لصبري من حزني آلاف الأقداح
وأناجي صورة أحفادي
عبر الأميال على الشاشة
حلماً يتقافز مزهوّاً
في بيت صار بلا مفتاح
٤
باتت تؤلمني ذاكرتي في كلّ صباح
وأنا أتسكّع بين سطور تحضنها الأوراق
لأبيع الشعر لمن يتسول بين الموجة والأشواق
في دور النشر بلا ميثاق
لأعيش فصولاً في الأعماق
لأني أدرك أنّ العمر سينزف بعد فراق
وأنّ الشعر لنبض القلب هو الترياق
...................
١٤ / ٥ / ٢٠٢٢