١٩_غربة الروح :
غربةُ الرّوحِ في الحياةِ لهيبُ
و لظىً تصهرُ الجَوى و تُذيبُ
رُبَّ عَيْشٍ قد صارَ عبْئاً ثقيلاً
و هلاكٍ هو المنى و حبيبُ
باتَ كلُّ امرئٍ يرومُ نجاةً
عبْرَ موتٍ فيه الشفاءُ الأريبُ !
ترتجي ضمّةَ اللّحودِ نفوسٌ
ضامتِ الذّلَّ.. و الهوانُ غَلوبُ
رحلةُ الرّوحُ في الدّروبِ ضياعٌ
الوفا نكرٌ و الوئامُ غريبُ
و تَردّى في بؤسِهِ حرُّ قومٍ
و تمادى مُستهتِرٌ و لَعوبُ
حفلتْ أمواجُ الدّهورِ خفايا
مُنكَراتٍ لها مسارٌ عجيبُ
كم نبيهٍ لاقى تَهكُّمَ حمقى..
و تشكّى هُزْءَ السّفيهِ لبيبُ !
و تلوّى من غُلّه قدُّ زهرٍ
فاتَه النّبعُ و الهزارُ الطّروبُ
و زهورٌ مصنوعةٌ من شموعٍ
هامَ فيها لُبُّ الورى و قلوبُ
يعملُ النّحلُ في الحقولِ بدأبٍ
دونَه فتكُ الضارياتِ نصيبُ
و يعودُ الغروبَ حاملَ كنزٍ
و شرابٍ في جوفِ دنٍّ يطيبُ
ثمّ يُنسَى بين الورى في جحودٍ
و يعمُّ العسّالَ خيرٌ و طيبُ !
زهدَ الطَّرْفُ في جمالٍ أصيلٍ
و جمالٌ مُستنسَخٌ..مرغوبُ ..!
كرِهَ الصدقَ سائرونَ بدربٍ
و غوى عُجْبَ الزّائغينَ كَذوبُ
زُعْزِعَ الطُّهْرُ كالجدارِ بعصفٍ
و علا صَرْحٌ ماجِنٌ مجلوبُ
كم بَتولٍ قد لاكَها نابُ إفْكٍ
و عفيفٍ آذاه لَوْثٌ مُريبُ..!
فتنةٌ إثْرَ فتنةٍ في خضمٍّ
هيّجتْها عواصفٌ و لجيبُ
محمود أمين آغا