حوار مع النفس
بقلم الشاعر محمد رأفت القادري
وهن الليل وتنهد
ومن حال الزمان رقد
تغطى بثوبه الأسود
ومن أرق به سكن
تراه جالسا يبكي
وينكتم ويتمدد
تراه صاحيا أسعد
وروحه ثكلة تتجمد
هو مثلي
مزاجي
إذا ابتسم ليتنهد
بوقت يلبس الأفراح والأحزان
سويا
وفي الصيف تراه حط كوفيا
وفي البرد تراه عاريا أجرد
وكل دقيقة بالفكر يتجدد
ويخفي كل عاطفة وراء قناعه الأجعد
هوا ايضا بلا قلب
ولا شفة
ولا شِعر
ولا بيت
وفيه العيب يتعدد
تشوه مثلما شاهت
بيا الدينا
وللواقع
هوا الأبعد
هوا نفسي التي ضاعت
على الشرفات
والأسفار
والأقدار
والفوضى
وحين أردت ان أصحو من الكابوس
والهذيان والغربة
ضربت جبيني المنسي
بسقف الواقع الأنكد
وجدت الروح باردة كأني عاجز مقعد
فسلمت على نفسي
فلم تجبي
فقلت لها
وأنتِ الآن لم تمت
وأني ناظر أشهد
لماذا لذت بالصمت
فلست القبر يا نفسي
ولا أنتِ تعيشي بداخل المرقد
فقالت من وراء الحزن ترتعش
كأني فيك لم أوجد
وأنت بعد لم تولد
تغربنا تعذبنا
تباعدنا تبعثرنا تحطمنا
وذاك الحلم عن بيتي
تلاشى قربي وتبدد
وطيفه كل ما أقترب
سراب راح يتباعد
ولم يبقى من الونس
سواك
وانت لم توجد
سأسكت اني مؤدة
بداخلك
ولست القبر والملحد
فأنت الميت المنسي
دون القبر في الغربة
ومصلوب على قضبان جلاد
وذكراك تناديها لكي تجلد
فأنت الرق والمرقرق والمنهوك مستعبد
أفق من طيس أحلامك
فلست بأرض ارباب يحق لها بان تعبد
فإن البيت منذ رحلت
مريضا دونك مجهد
وقد هرمت ستائره
والأبواب لم توصد
وكل أساسه المنكوب
ينتظر رسائل منك لم
ترسل
وطيف منك يتجسد
وأخبار على شفة الرياح اليه
لم تسرد
فهذا الليل إسأله
وطف بنجومه البيضاء
وأسأل عن هويتك التي
ضاعت وتعلم انها ضاعت
بيوم لطخ الحبر بتأشيرة
بأنك تارك البلد
الى الأبد
فعذرا سوف أهجرك
كما الهجر لك غرد
وبالأوطان تقلد
ستلقاني على باب الحدود
هناك أوطاني
وثوب عشيرتي الأبيض
وتاريخ الذي كتب على الأمق
عريقا لا ولن ينقد
وأخواني الذي حملوني في دشداشتي البيضاء
في المهد
وسأرفع بأيديهم في دشداشتي البيضاء للقبري
سأبقى عندهم شامخ
ومفتخرا
هنا أرضي
وأصلي وأصل أجدادي
عرين العز و المجد
ستلقاني
وتسمع كل أشعاري إذا عدت
لك تنشد
فهل مازلت في ريب
فعش بالغربة من أنت
فلست أحد
ستبقى حائرا بكبد
فلا تسأل
جاوبك باقي عندي
فمن أنت بلا وطن
فمن أنت
بلا مولد
فمن انت بلا قبر
بلا أرض زرعت بها
ومنك الآن لم تحصد
فقل ماشئت وتردد
ولا تبقى غريبا راح يتأبد
محمد رأفت القادري